يأجوج ومأجوج ليسوا من علامات الساعة
قبل الدخول فى الموضوع أقول إن فكرة المقال مستوحاة من مقال للكاتب خالد الوهيبى
ورد ذكر يأجوج ومأجوج فى المصحف فى موضعين :
الأول قوله تعالى :
“قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتونى أفرغ عليه قطرا فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا وتركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض ونفخ فى الصور وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا ”
الثانى قوله تعالى :
“حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين”
الآيات هنا ليس فيها أى دليل على أن يأجوج ومأجوج من علامات الساعة فنهاية القصة فى الآيات الأولى جاءت بهدم السد وخروج القوم ثم ذكر خلقهما النفخ فى الصور والسياق أساسا محذوف فلا علاقة للقصة بما ورد فى نصف الآية الأخير وهو النفخ فى الصور مثلها مثل آيات عدة قى المصحف مثل :
قوله تعالى “”فى الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لأعنتكم إن الله عزيز حكيم” فلا علاقة لقوله ” فى الدنيا والآخرة” ببقية الآية” ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لأعنتكم إن الله عزيز حكيم”
وكذلك الأمر فى الآيتين” حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون”
فينسلون آية بمفردها منقطعة عما بعدها وهو الآية” واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين”
واقتراب الوعد لا يعنى القيامة فقط يعنى الموت كما قال تعالى :
“اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون” فالناس وهم من فى عهد الرسول(ص) ماتوا ومع هذا رغم مدة لا يعلمها إلا الله فى ظننا ألف ونصف تقريبا لم تقم القيامة
والأدلة الأخرى هى :
أن يأجوج ومأجوج كانوا كفار سماهم الناس مفسدون فى الأرض ووافقهم النبى ذو القرنين(ص) على ذلك فأقام لهم السد وفى هذا قال تعالى :
“قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما”
وأى كفار عاشوا قبل عهد النبى(ص) أهلكهم الله بعذاب من عنده كما قال :
“ما أمنت من قبلهم من قرية أهلكناهم أفهم يؤمنون”
وقال تعالى :
“وما أهلكنا من قرية إلا ولها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين”
وقال تعالى:
“ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين”
وقال تعالى:
“وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون”
وقال تعالى:
“وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك فى الكتاب مسطورا”
إذا فقد هلكت يأجوج ومأجوج لكفرهم بعد انهيار السد كما قال تعالى :
وكان وعد ربى حقا وتركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض”
وهلاك أى قوم يكون فى عصر رسولهم أى نبيهم ويعيش هو بعدهم إن لم يكن قتل كبعض رسل بنى إسرائيل(ص) ومن ثم فقد هلكوا فى عصر ذو القرنين(ص) طبقا لنجاة الرسل(ص) فى قوله تعالى:
“فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين ثم ننجى رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين”
وأما عودتهم قبل يوم القيامة فمستحيلة لأن الله قرر ألا يعيد أى قوم للحياة قبل يوم القيامة فقال :
“وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون”
وقال أيضا:
“ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون”
ومن ثم لا يمكن أن تكون يأجوج ومأجوج أحياء حتى الآن تحت السد أو بجانبه وأمر أخر وهو أن السد يعنى أن سور حاجز فى الأرض وليس سجن يعيشون فيه فهو جدار عازل لمنع هجمات القوم الذين كانوا يقتلون ويأسرون ويهتكون الأعراض وما شاكل ذلك مما يسمونه بالحرب الوحشية
والروايات فى كتب الحديث عن كونهم من اشراط الساعة تناقضها روايات أخرى مثل :
2537 حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد قال محمد بن رافع حدثنا وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله وأبو بكر بن سليمان أن عبد الله بن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد قال ابن عمر فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب ورواه الليث عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر كلاهما عن الزهري بإسناد معمر كمثل حديثه”صحيح مسلم
ومن ثم لو افترضنا أنهم كانوا أحياء فى عصر الرسول(ص) فقد ماتوا منذ اليوم الذى قيل فيه الحديث ومن ثم فهم طبقا لذلك لن يعودوا للحياة كما فى قوله تعالى :
“وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون”
***************************************************************
فى كتاب السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم
مؤلف الكتاب شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي (المتوفى: 902هـ)
بداية العنوان به خطأ وهو تقسيم المال لمحمود ومذموم أى حسن وسيىء فالمال مخلوق حسن والحمد والذم أى الحسن والسوء إنما هو فى عمل الإنسان كما قال تعالى :
“فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره”
ولا نجد فى القرآن تعبير المال أو الأموال المحمودة أى الحسنة ولا المال السوء أى المذموم وإنما نجد تعبير الحسن والسوء وهو الحمد والذم فى فعل الإنسان بهم كما فى قوله تعالى :
“الذقراءةين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون”
“يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الأخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شىء مما كسبوا والله لا يهدى القوم الكافرين”
“ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير”
“والذين يكنزون الذهب والفضة ثم لا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم”
ومن ثم ما نطلق عليه المال الحرام والمال الحلال تعبير خاطىء فالمال محايد والحرمة والحل هى عمل الإنسان بالمال فمثلا نباتات الدخان والحشيش ومثلا الحيوانات كالخنزير كلها خلق الله وهو خلق حسن كما قال تعالى :
“الذى أحسن كل شىء خلقه”
الحرام أو المذموم والحلال وهو المحمود هو ما يفعله الإنسان بها فمثلا الحشيش إذا تناولها الإنسان للتدخين فمثلا بها فهو أتى عملا مذموما محرما وإذا استخرج منها دواء فقد أتى عملا حلالا محمودا ومثلا ما يسمونه الصدقة بالمال تصبح حلالا محمودة إذا لم يكن فيها منا ولا أذى كما قال تعالى :
“الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم” وإذا كان فيها منا أو أذى تصبح حراما مذمومة كما قال تعالى “يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس”
وقد سمى الله المال مال الله فقال :
” وأتوهم من مال الله الذى أتاكم”
فهل مال الله يكون محمودا ومذموما أم كله حسن؟
نأتى بعد ذلك لموضوع الكتاب وهو سؤال عن حديثين دعا فيهما النبى(ص) كما يزعمون لمسلم وكافر بنفس الدعاء وفى هذا قال السخاوى:
“برزت الإشارة بالإيماءات مع صريح العبارة من علامة مطيق منطيق، وفهامة متحقق بالتدقيق والتحقيق، مارس كثيرا من العلوم، ونافس بفكره الصافي في فني المنطوق والمفهوم، وظهرت سيادته وانتشرت رئاسته، واغتبط الملوك ببهجته ونضارته، وارتبط الغني فضلا عن الصعلوك بساحته -زاده الله -تعالى- من فضله، وأبقاه لنشر العلم والتنويه بأهله، وختم له بالحسنى، ورفعه إلى المحل الأسنى- إلى استشكال الجمع بين دعائه (ص)لخادمه سيدنا أنس بن مالك حسبما اتفق عليه الشيخان بكثرة المال والولد مع كونه -كما روي من أوجه يرتقي بها إلى الحسن- دعا بذلك على من لم يؤمن به ولم يصدقه، والتمس من المملوك الجواب فكتب ذلك باختصار لكونه فهم أن الغرض حين سمى القاصد إنما هو بيان مرتبة الحديث الثاني ومن أخرجه، ثم تبين له حقيقة المراد”
فكانت الإجابة من السخاوى هى:
“فقال على سبيل الغرض على المشار إليه، لا قصدا للتطويل لديه، غير متعرض لما كتبه أولا في تخريج الحديث:
الجواب كما ظهر لي أنه يقال: ليس المالان في الموضعين على حد سواء، فالذي دعا لخادمه بالكثرة منه هو الذي قال فيه (ص)«لا خير فيمن لا يحب المال ليصل به رحمه، أو يؤدي به عن أمانته ويستغني به عن خلق ربه»
والمعنى في هذا كما قال العسكري: إنه لا خير فيمن يحب المال لغير هذه الخصال، وإنما يحب المؤمن -يعني: الكامل- المال لهذه الأشياء ، ونحوه قول سعيد بن المسيب -رحمه الله-: «لا خير فيمن لا يجمع المال فيقضي دينه ويصل رحمه، ويكف به وجهه»
ولذلك يروى -كما أخرجه أحمد وابن منيع في «مسنديهما» – من حديث عمرو بن العاصي قال: قال لي رسول الله (ص)«يا عمرو نعما بالمال الصالح للمرء الصالح» -وفي لفظ: «نعم المال الصالح للرجل الصالح»
وأخرج الديلمي عن جابر عن النبي (ص)أنه قال: «نعم العون على تقوى الله المال»
وعند الطبراني في «الأوسط» عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قيل يا رسول الله من السيد؟ قال: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (ص)قالوا: فما في أمتك من سيد؟ قال: بلى، رجل أعطي مالا حلالا، ورزق سماحة، وأدنى الفقير، وقلت شكاته في الناس»
فمن تكون الدنيا في يديه ويؤدي الحقوق منها، ويتطوع بالأمور المستحبة فيها، ولم تكن عائقة له عن الوصول إلى الله تعالى، ولا لها في قلبه مزية، ولا يفخر بها خصوصا على من دونه، يكون ذلك زيادة له في الخير
وكم من غني متصف بذلك وأزيد منه مثل سليمان (ص) وعثمان ابن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة الفياض أحد العشرة
بل قد حملت خزائن الأرض إلى رسول الله (ص)وإلى صاحبيه أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، فأخذوها ووضعوها في مواضعها، وما هربوا منها لكونهم قد استوى عندهم الماء والمال، والذهب والحجر، كما عرف من سيرهم وأحوالهم
على أنه (ص)لم يقتصر في الدعاء لأنس -رضي الله عنه- بالإكثار فقط، بل ضم إليه الدعاء بالبركة الذي صدوره منه (ص)يشمل عدم الافتتنان به، بحيث يزول محذوره، إذ الدنيا بلاء وفتنة
ففي الأحاديث الإلهية يقول الله -عز وجل-: «ابن آدم ما خلقت هذه الدنيا إلا محنة» ، ولهذا قال (ص)«إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون» وقال أيضا: «إن هذا الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم، وأنهما مهلكاكم فانظروا كيف تعملون»
وقال -أيضا-: «لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال»
وكذا يشمل عدم نفادها من بين يديه، واحتياجه إلى اللئام ممن يفخر ويزهو بها عليه قال (ص)لجرير «يا جرير إني أحذرك الدنيا، وحلاوة رضاعها، ومرارة فطامها»
ولا شك أن من فاز بشمول البركة في ماله كان ممن يغبط على نواله
قال (ص)«لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، »
وأما المال الذي دعا بالكثرة منه على من لم يؤمن به، وكذا الذي دعا بالتقلل منه لمحبيه، فهو المباين لما تقدم بكل طريق في الحقوق الواجبة، وكذا المستحبة، بل هو المعني بقوله (ص)«ورب متخوض في مال الله -عز وجل- ورسوله – صلى الله عليه وسلم -؛ له النار يوم القيامة»
ولو اتفق صدور صلة أو نحوها من الكافر فيه كان حظه منه ما خول فيه من صحة، ومال، وشبههما وقد قال (ص)«لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة» وقال -أيضا-: «يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء بم أخذ المال، أمن حلال أم من حرام»
وإلى قريب من هذا الجواب أشار شيخنا رحمه الله، فإنه قال في «فتح الباري» : «فإن قيل: كيف دعا لأنس، وهو خادمه بما كرهه لغيره؟! فيحتمل أن يكون مع دعائه له بذلك قرنه بأن لا يناله من قبل ذلك ضرر، لأن المعنى في كراهية اجتماع المال والولد إنما هو لما يخشى في ذلك من الفتنة بهما، والفتنة لا تؤمن معها الهلكة» انتهى كلام شيخنا
ويتأيد بقول أنس «أنه (ص)ما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا له به»
وإلى الفرق بين المالين -الذين أحدهما: وبال، والآخر: نوال- أشار – صلى الله عليه وسلم -بقوله: «إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة» ، وفي رواية: «هم الأخسرون» وفي لفظ: «هلك المثرون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا -فحثى بين يديه وعن يمينه وعن شماله- وقليل ما هم»
وأيضا فالناس مختلفون، فمنهم من تصلحه الدنيا ويصلح عليها، ولا يزداد بها إلا فضلا وتواضعا، كما نشاهده في أفراد
وقد كان قيس بن سعد الأنصاري -رضي الله عنهما- يقول: اللهم ارزقني مالا وفعالا، فإنه لا يصلح المال إلا بالفعال، ولا الفعال إلا بالمال، اللهم إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه وهذا هو الذي قال فيه (ص)«إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت»
ويروى عن الحسن والحسين أنهما قالا لعبد الله بن جعفر : إنك قد أسرفت في بذل المال فقال: بأبي أنتما وأمي، إن الله قد عودني أن يتفضل علي، وعودته أن أتفضل على عباده، فأخاف أن أقطع العادة فيقطع عني وقال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي: أنت متلاف، فقال: منع الجود سوء الظن بالمعبود
وقال أكثم بن صيفي حكيم العرب: «ذللوا أخلاقكم للمطالب، وقودوها للمحامل، وعلموها المكارم، ولا تقيموا على خلق تذمونه من غيركم، وصلوا من رغب إليكم، وتحلوا بالجود يلبسكم المحبة، ولا تعتقدوا البخل فتستعجلوا الفقر»
ومنهم دنيء الأصل، رديء الطباع، واثق بما في يديه، فهذا لا يصلحه المال، ولا يصلح عليه
كما يروى عن أنس وعمر وغيرهما من الصحابة عن النبي (ص)أنه قال: يقول الله -عز وجل-: «إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك» الحديث
على أنه يمكن الفرق بين المالين بخلاف هذا -أيضا-، وذلك بأن يقال: لا يلزم من الكثرة التي دعا بها لأنس وجود مال مدخر، بل لعلها مال يتجدد له في كل يوم من ربح وغيره، وهو ينفده أولا فأولا، بخلاف التي دعا بها لغيره نفيا وإثباتا أو يكون المدعو بها لأنس هي الكثرة من المواشي، وكذا من الزرع والغرس، الذي قال (ص)فيه -كما في «صحيح مسلم» وغيره- من حديث جابر وغيره: «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو بهيمة أو شيء -وفي لفظ: «أو طائر» – إلا كان له به صدقة» وذلك كان أكثر أموال الأنصار، الذي قال -: أنه من أكثرهم مالا ويستأنس له بما ورد أنه كان له بستان يحمل في السنة مرتين، وكان فيه ريحان يجيء منه ريح المسك وجاءه قيمه في أرضه فقال: يا أبا حمزة عطشت أرضك، فتردى -أي: لبس رداءه- ثم خرج إلى البرية، ثم صلى ما قضى الله له، ثم دعا فثارت سحابة فجاءت وغشيت أرضه، ومطرت حتى ملأت صهريزة له، وذلك في الصيف فأرسل بعض أهله، فقال: انظروا أين بلغت، فإذا هي لم تعد أرضه والمال الآخر، هو: النقد المدخر وغيره، ثم إن من كره المال إنما كرهه للحساب عليه، وكون الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وهو خمس مئة عام ، ولكن كان سفيان الثوري يقول: لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس ، ونحوه قوله (ص)«إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»
وقال الثوري مرة لمن عاتبه في تقليب الدنانير: دعنا عنك فإنه لولا هذه لتمندل الناس بنا تمندلا بل جاء عنه أنه قال: المال في هذا الزمان سلاح المؤمن ونحوه قول ابن عيينة -رحمه الله-: من كان له مال فليصلحه، فإنكم في زمان من احتاج فيه إلى الناس؛ فإن أول ما يبذله دينه
وكأن السفيانين رحمهما الله أشارا إلى ما يروى عنه (ص)أنه قال: «إذا كان آخر الزمان لا بد للناس فيها من الدراهم والدنانير، يقيم الرجل فيها دينه ودنياه» ونحوه: «يأتي على الناس زمان من لم يكن معه أصفر ولا أحمر لم يتهن بالعيش»
«الدنانير والدراهم خواتيم الله في أرضه، من جاء بها قضيت حاجته، ومن لم يجىء بها لم تقض حاجته» إلى غير ذلك، مما ينتشر الكلام بسببه بل يروى عنه (ص)أنه قال: «إنما يخشى المؤمن الفقر؛ مخافة الآفات على دينه»
وكان سعيد بن المسيب يقول: اللهم إنك تعلم أني لم أجمع المال إلا لأصون بها حسبي وديني
وعن ابن أبي الزناد وقيل له: أتحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا؟! فقال: هي وإن أدنتني منها فقد صانتني عنها
وقد جنح إمامنا الشافعي إلى تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر ، فهذا ما فتح الله -عز وجل- به في الجمع بين هذين الحديثين
وقد استروح الداودي المالكي فقال في حديث الدعاء لأنس: أنه يدل على بطلان الحديث الآخر، قال: وكيف يصح ذلك وهو (ص)يحض على النكاح والتماس الولد؟!
ولذلك تعقب الداودي شيخنا -رحمهما الله- وقال: «إنه لا منافاة بينهما، يعني بين الحض على النكاح والتماس الولد، وبين الدعاء بعدم حصول الولد والمال معا، لاحتمال أن يكون ورد في حصول الأمرين معا»
قال: لكن يعكر عليه كراهيته لغير أنس ما دعا به له، ثم أجاب عنه بما أسلفته معزوا إليه فإن استشكل دعاؤه (ص)على من لم يؤمن به بكثرة المال والولد بمن يشاهد من الكفار المقلين منهما معا، والحال أن دعاءه (ص)مجاب، أمكن أن يقال: لعله (ص)لم يقصد حقيقة الدعاء عليهم، إنما أراد منه تنفير من يحبهما معا من محبيه على الوجه المذموم كما تقدم ونحوه القول في غالب من دعا عليهم (ص)من الكفار، ممن تخلف دعاؤه فيهم، بأنه لم يرد بذلك إهلاكهم، وإنما أراد ردعهم؛ ليتوبوا
وقد قيل في (عقرى) و (حلقى) أن ظاهره الدعاء لكنه غير مراد، وكذا قيل في (ويل أمه) و (لا أبا له) ، و (تربت يداه) ، و (قاتله الله) ونحو ذلك
ويحتمل أن يقال: لعله أراد قوما مخصوصين في زمنه (ص)أو يقال بالفرق بين من صدر منه الدعاء عليه بطريق التعيين، وبين من اندرج في العموم، لا سيما بعد نزول قوله -تعالى-: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} [آل عمران:128] ، فقد صح أنه (ص)كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع، فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده: «اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» يجهر بذلك
وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: «اللهم العن فلانا وفلانا» لأحياء من العرب، حتى أنزل الله -عز وجل-: {ليس لك من الأمر شيء} الآية ويستأنس له بقول شيخنا في حديث: «أيما مؤمن سببته أو جلدته، فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة» : «ما أظنه يشمل ما وقع منه بطريق التعميم لغير معين، حتى يتناول من لم يدرك زمنه »
على أنه قد جاء في «صحيح مسلم» من حديث سعد بن أبي وقاص أنه (ص)أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية، دخل فركع ركعتين، وصلينا معه، ودعا ربه طويلا، ثم انصرف إلينا فقال: «سألت ربي ثلاثا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، فسألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألت ربي أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها»
وفي الباب عن أنس ، وثوبان ، وخباب بن الأرت ، وابن عباس ، ومعاذ بن جبل ، وأبي بصرة الغفاري وبه تعقب شيخنا قول بعض شراح «المصابيح» أن جميع دعوات الأنبياء (ص) مستجابة، وقال: «إن في قوله غفلة عن الحديث الصحيح، وهو «سألت الله ثلاثا» » وذكره
ويساعد شيخنا من أجاب من استشكل ظاهر قوله (ص)«لكل نبي دعوة مستجابة» بما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة، ولا سيما نبينا (ص)بقوله: إن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهو على رجاء الإجابة
وكذا من قال أن المراد بأن لكل منهم دعوة عامة مستجابة في أمته، إما بإهلاكهم وإما بنجاتهم، وأما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب، ومنها ما لا يستجاب وبالجملة فالمقام خطر، وما قلته أولا من الاحتمالات أنسب، وآخرها أحسنها، وليس المسؤول بأعلم من السائل”
أكثر السخاوى من النقول ولم يجب الجواب اليقينى كما قال فى نهاية الكتاب :
“وما قلته أولا من الاحتمالات أنسب، وآخرها أحسنها، وليس المسؤول بأعلم من السائل”
والمفروض فى كتاب يتحدث عن مشكلة فى حديثين أن يذكر نص الحديثين ولكن السخاوى اكتفى بكلامه هو عن مضمون الحديثين وللعلم نذكر الحديثين:
الأول:
“عن أنس بن مالك قال : دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ” اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته “، فأَكْثَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ مالي؛ حتى إن كرماً لي يحمل مرتين، وولد لصلبي مئة وستة أولاد .
هذا حديث حسن صحيح”
الثانى:
” عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله(ص)إذا دعوتم لأحد من اليهود والنصارى فقولوا أكثر الله مالك وولدك” وهذا الحديث ضعيف السند فقد رواه ابن عدي وابن عساكر وضعفه الشيخ الألباني”
الحديث الأول لا يصح لأمرين :
1-علم النبى(ص) أن كثرة الإنجاب وقلته وعدمه شىء يحدث لمشيئة الله وليس للدعاء دخل فيه مع قوله تعالى وفى هذا قال تعالى:
“لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما”
ومن ثم فهو لن يدعو بشىء يعلم انه ليس بالدعاء ولا بغيره
2- طول الحياة أمر محال لقوله تعالى “لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”
فالعمر مقدر ولا يمكن أن يزيد أو ينقص عن المدة التى هددها الله من قبل
3- وجود رواية تقول” دفنت من صلبى مائة واثنين” وهى تناقض رواية الدعاء فهذا معناه أن من عاش من ولده أربعة وكلهم ماتوا وهذا ليس عددا كثيرا
4- أننا لو افترضنا كما يقولون أن عاش مائة سنة وأنه تزوج بعد وفاة النبى(ص) لأنه كان يخدمه ولا يفارقه وهو فى سن الخامسة والعشرين تقريبا وتزوج أربعا فهذا معناه أن الرجل كان يعصى الله فى إنجاب الأولاد فالمفروض هو إنجاب طفل كل ثلاث سنوات سنة حمل وسنتين رضاعة ومن قم فكل امرأة لو تزوجها فى الخامسة عشر ستنجب على الأكثر حتى الخمسين حوالى 15 طفلا وأربع نسوة فى15 بستين طفلا وليس مائة
5- أن الرسول(ص) يعلم أن الله قسم الرزق بالعدل وهو التساوى فقال :
“وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين” فكيف يدعو للرجل بكثرة المال وهو يعلم أنه قسم الرزق بالعدل فإن طلب زيادته لواحد فقد دعا عليه أو أراد به الشر لأن تلك الزيادة تغنيه ومن اغتنى يكفر كما قال تعالى :
“كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى”
كما أنه يعلم أن الأرض بكل ما فيها من مال رزق للمسلمين جميعا بالعدل وهو التساوى إلا أن يريد الله زيادة طفيفة عبر وسائل شرعها كالورث والهبة والغنيمة وفى هذا قال تعالى :
“ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون”
الحديث الثانى :
لايصح هو الأخر بغض النظر عن السند للتالى:
1-أن الشريعة لا تخص فريق من الكفار بشىء فلو كان حديثا لكان عاما فى كل الكفار والأقرب أن يدعو للمشركين وهو قد فعل فى الاستغفار كما قال تعالى “ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم”
2-أن المسلمين لا يدعون لشىء يعلمون أنه لا يتغير بالدعاء وهو إنجاب الأولاد فهذا أمر قدره الله لكل واحد
ومن ثم فالكتاب قام على حديثين غير صحيحيين
**********************************************************
نقد كتاب فضل قيام الليل والتهجد
الكتاب تأليف أبي بكر محمد بن الحسين الآجري(ت 360ه)
وموضوع الكتاب كما قال الآجرى:
“اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله عز وجل أثنى على المتهجدين في الليل فأحسن عليهم الثناء ووعدهم أحسن ما يكون من الموعد الجميل ورغب النبي (ص) على قيام الليل وحث أمته عليه وهكذا العلماء رغبوا فيه وحثوا على قيامه ونبل عند جميع المسلمين من كان له حظ في قيام، فنحن نبين لإخواننا ما فيه من الفضل العظيم والحظ الجزيل ليكون الراغب في قيام الليل على بصيرة من أمره يتاجر مولاه الكريم بعلم ويحسن الخدمة للمولى رجاء القربة منه”
وقد استهل الكتاب بذكر بعض ما ورد فى الكتاب عن قيام الليل كما يظن فقال :
“فأما ما وصف الله عز وجل به المتقين من أخلاقهم الشريفة في الدنيا التي أعقبتهم عند الله عز وجل شرف المنازل في دار السلام فأثنى عليهم بما تفضل به عليهم ووفقهم له فله الحمد على ذلك
قال الله عز وجل: {إن المتقين في جنات وعيون اخذين ما اتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون} فوصفهم جل ذكره بقلة النوم أنهم أكثر ليلهم قياما إلى السحر ثم أخذوا عند السحر في الاستغفار لما سلف منهم مما لا يرضيه وإشفاقا منهم على أعمالهم الصالحة ألا ترضيه أفترى الكريم لا يجيبهم بل يجيبهم وهو أكرم من ذلك ثم قال جل ذكره فيما وصف به عباده من الأخلاق التي شرفهم بها فقال:
{وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما}”
والآية التى استشهد بها لا يوجد بها ذكر قيام الليل وإنما المذكور بها الاستغفار فى الليل وهو غير القيام الذى يعنى السهر لقراءة القرآن كما قال تعالى “قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا”
ولكنه فى الفقرة التالية ذكر قيام الليل باسم تجافى الجنوب عن المضاجع وباسم القنوت فقال :
“فوصفهم جل ذكره أنهم في مبيتهم في ليلهم ليس هم كغيرهم من سائر الناس وذلك أن أكثر الخلق يتلذذون بالنوم وهؤلاء استأثروا الخدمة لمولاهم الكريم ثم وصفهم جل ذكره في موضع اخر فقال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون}
وقال الله عز وجل: {أمن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب}
قال محمد بن الحسين تدبروا رحمكم الله ما تسمعون من مولاكم الكريم كيف يخبر بكثرة سجودهم وطول قيامهم وحسن خدمتهم، ثم أخبر عنهم بعد هذا الكد الشديد أنهم على حذر مما حذرهم من عظيم شأن الاخرة وشدة أهوالها، وأن الغالب على قلوبهم شدة الخوف والوجل مع المسارعة فيما يرضيه، وكذلك وصفهم في موضع اخر من كتابه فقال عز وجل: {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} وقال عز وجل: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون ايات الله اناء الليل وهم يسجدون} فأخبر عز وجل عن تلاوتهم للقران في الليل تارة قياما وتارة لله سجدا ”
ثم ذكر الآجرى الرواية الأولى وهى عبارة عن ذكر شعر ابن المبارك فى قيام الليل فقال :
“قال عبد الله بن المبارك فيما وصف به أهل التهجد في الليل فقال:
قد حملوا الليل أبدانا مذللة وأنفسنا لا دنيات ولا دون
وراوحوا بين أقدام لهم صبر وأوجه عفروا منها العرانين
يتلون في محكم الفرقان أمنته وتارة سجدا لله يبكون
تمري قوارع في القران أعينهم مري المرايي أكف المستديرين
وقال ابن المبارك أيضا:
إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع
1 – حدثنا بهذا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال سمعت محمد بن علي بن شقيق قال سمعت أبي يقول قال عبد الله بن المبارك، وذكر هذه الأبيات ”
وبالقطع الخطأ هنا هو قيام الليل بمعنى الوقوف على الأرجل وهو تعذيب للنفس أى اذى للبدن لم يكتبه الله على المسلمين لقوله تعالى “وما جعل عليكم فى الدين من حرج”
فالقيام يعنى قراءة القرآن بالطريقة المريحة للقارىء وهى الجلوس
والخطأ الأخر هو تعفير الوجوه بالتراب والله كما قيل نظيف يحب النظافة فكيف يأمرهم بتعفير الوجوه وهو لم يأمر بهذا الأمر الغريب ويأمر بالنظافة
2 – حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال حدثنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا مبارك بن فضالة عن الحسن في قول الله عز وجل: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} قال قليل من الليل ما ينامون: {وبالأسحار هم يستغفرون} قال مدوا الصلاة إلى الأسحار ثم أخذوا في الأسحار بالاستغفار ”
والخطأ هنا كون الليل والسحر شيئان مختلفان بينما هم شىء واحد فالسحر ليس امتداد لليل لكون السحر هو الليل نفسه
3 – حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي (ص) (ح) قال الحلواني وحدثنا الحماني قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال أفضل الصلاة بعد الصلاة المفروضة صلاة الليل ”
التخريف فى الرواية أن صلاة الليل ليست مفروضة والمعروف حاليا عند الناس هو وجود صلاتين مفروضتين ليلا وهما المغرب والعشاء
4 – حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن أبي أمامة قال قال رسول الله (ص) عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله عز وجل ومكفرة للسيئات ومبرأة من الإثم ومنهاة عن الإثم ”
المعنى صحيح فقيام الليل عمل صالح يكسب الحسنات ويزيل السيئات مما يطهر الإنسان من سيئاته وهى ذنوبه
5 – وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال حدثنا يزيد بن عبد الله بن رزيق قال حدثنا الوليد بن مسلم قال أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان عن الأعمش عن أبي العلاء العنزي عن سلمان الفارسي عن رسول الله (ص) قال عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قرب من الله عز وجل وتكفير للسيئات ومنهاة عن الإثم ومطردة للداء عن الجسد ”
الخطأ فى الرواية أن قيام الليل يطرد الأمراض من الجسد وهو تخريف فلو قال لأمراض النفس لكان صحيحا حيث قراءة القرآن شفاء لما فى الصدور وهى النفوس كما قال تعالى “وشفاء لما فى الصدور”
6 – حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال حدثنا أيوب بن سليمان الصغدي قال حدثنا ثابت بن موسى قال حدثنا شريك بن عبد الله عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (ص) من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار
7 – وحدثنا أبو الفضل الشكلي أيضا قال حدثنا علي بن موفق [ ] ما بال أهل الليل حسان الوجوه قال: لأنهم قربوا من الله عز وجل فكساهم من نوره
8 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال حدثنا عبد العزيز بن عباد أخو حمدون بن عباد الفرغاني قال محمد بن عبد الحميد قال حدثنا شيخ من البصريين عن إسماعيل بن مسلم قال قيل للحسن: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوها؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا من نوره ”
والخطأ المشترك بين الثلاثة هو مخالفة الأجر وهو حسن الوجه بالنهار لقوله تعالى “من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها” فهنا الأجر ليس حسن وجه بالنهار كما بالأقوال الثلاثة وإنما حسنات عشر .
9 – أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني قال حدثنا يحيى بن ادم قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الكنود عن عبد الله بن مسعود قال يضحك الله عز وجل إلى رجلين رجل قام في جوف الليل وأهله نياما فتطهر ثم قام يصلي فيضحك الله إليه ورجل لقي العدو فانهزم أصحابه وثبت حتى رزقه الله عز وجل الشهادة ”
الخطأ ضحك الله ويخالف هذا أن الله ليس كالخلق مصداق لقوله تعالى بسورة الشورى “ليس كمثله شىء”فإذا كانوا يضحكون فهو لا يضحك والسبب هو كونه خالق الضحك لقوله “وأنه هو أضحك وأبكى “وأيضا لأن سبب الضحك هو استغراب الحادث والعليم بالشىء قبل وقوعه لا يستغرب لعلمه
10 – حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري قال حدثنا هناد بن السري قال حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله (ص) إن في الجنة غرفا يرى بطونها من ظهورها وظهورها من بطونها قال فقام أعرابي فقال لمن هي يا رسول الله فقال هي لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام ”
والخطأ رؤية ظهور الغرف من بطونها وبطونها من ظهورها وهذا معناه أن كل منهم يرى الأخر حتى وهو يجامع زوجته والحور العين وهو ما لا يعقل لأن الجماع يتم فى خيام أى حجرات ساترة وفى هذا قالت تعالى “حور مقصورات فى الخيام ”
11 – حدثنا الفريابي قال حدثنا منجاب بن الحارث قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال قال عبد الله يعني ابن مسعود إن في التوراة مكتوبا لقد أعطى الله عز وجل الذين تتجافى جنوبهم ما لم تر عين ولا تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ما لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل، قال ونحن نقرؤها: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}
الخطأ أن الملك المقرب والنبي المرسل لا يعلمان المكتوب لمن تتجافى قلوبهم عن المضاجع وهو خبل فالنبى أى نبى(ص) كان يقوم الليل والنبى الأخير كان أول من قام الليل فى عصره كما قال تعالى “يا أبها المزمل قم الليل”فكيف لا يعلم وهو ممن تتجافى جنوبهم عن المضاجع وأما الملائكة فهم فى الجنة يستقبلون المؤمنين كما قال تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون” فكيف لا يعلمون بالجنة وهم فيها ومن أهلها ؟
12 – حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال حدثنا عمي قال حدثنا ابن أبي مريم قال حدثنا حسين بن علي الجعفي قال حدثنا هلال قال حدثني طلحة بن مصرف قال بلغني أن العبد إذا قام من الليل للتهجد ناداه ملك طوبى لك سلكت منهاج العابدين قبلك، قال وإن ليلته تلك لتوصي به الليلة الأخرى أن أيقظيه في وقته الذي قام فيه، قال ويتناثر عليه البر من أعنان السماء إلى مفرق رأسه ويناديه مناد لو يعلم المناجي من ينادي ما انفتل ”
الخطأ تناثر البر على قائم الليل من أعنان السماء إلى مفرق رأسه وهو كلام جنونى فقد كان المسلمون فى بداية الهجرة يقومون الليل ومع هذا ابتلاهم الله بقلة الرزق والجوع والخوف كما قال “ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين”
13 – حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصامه وطال ليله فقامه ”
الخطأ صوم المؤمن للشتاء وهو ما يناقض أن الله كتب عليه صوم رمضان فقال “شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه”
14 – حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال حدثنا يعقوب الدورقي قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال حدثنا حصين عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال كان إذا جاء الشتاء قال يا أهل القران طال الليل لصلاتكم وقصر النهار لصيامكم فاغتنموا ”
نفس الخطأ السابق
15 – حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال حدثنا إبراهيم بن مجشر قال حدثنا هشيم بن بشير قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا الحسن قال قال رسول الله (ص) صلوا من الليل ولو ركعتين، ما من أهل بيت تعرف لهم صلاة بالليل إلا ناداهم مناد يا أهل القران قوموا لصلاتكم قال هشيم وأخبرنا غير أبي عامر أن الحسن قال في هذا الحديث: فالله أعلم ما ذاك المنادي ”
هذا يخالف الحقيقة فلا أحد من قيام الليل صوت المنادى سواء بالطيب أو بالسوء .
16 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا إسحاق الأزرق عن عوف الأعرابي عن أبي مخلد عن أبي العالية قال حدثني أبو مسلم قال قلت لأبي ذر أي صلاة الليل أفضل قال سألت رسول الله (ص) قال نصف الليل وقليل فاعله ”
الخطأ كون الصلاة فى نصف الليل أفضل وهو ما يناقض كون الصلاة فى الليل أجرحا واحد كما قال تعالى ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها”
17 – حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال حدثنا محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) إذا نام أحدكم عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل أي ارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انجلت العقد كلها، قال فيصبح طيب النفيس نشيطا وإلا أصبح خبيث النفس كسلانا ”
والخطأ عقد الشيطان على رأس الإنسان وهو يخالف أن الشيطان لا يقدر على فعل شىء سوى الوسوسة لقوله بسورة الناس “قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس “.
18 – وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال حدثنا محمد بن الحسن بن سعيد الأصبهاني قال حدثنا بكر بن بكار قال حدثنا قرة عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) ما أحد ينام إلا ضرب على سماخه بجرير معقد فإن استيقظ وذكر الله حلت عقدة فإن استيقظ توضأ حلت عقدة أخرى فإن قام يصلي حلت العقد كلها فإن هو لم يستيقظ ولم يتوضأ ولم يصل أصبحت العقد كلها كهيئتها وبال الشيطان في أذنه ”
نفس الخطأ السابق
19 – حدثنا أبو بكر بن عبد الحميد قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان حدثني القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها من الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه من الماء ”
والخطأ هو رش الماء فى وجه النائم وهو إيقاظ النائم للصلاة أمر محرم والمباح تركه يأخذ راحته ثم يصحو فيصلى لأن النوم له سلطان على الإنسان
20 – وحدثنا إبراهيم بن موسى الجوزي قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن الأعمش عن علي بن الأقمر عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) من استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات ”
نفس الخطأ السابق
21 – وأخبرنا حامد بن شعيب البلخي قال حدثنا أبو عمر المقري قال حدثنا سنيد بن داود عن يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (ص) قالت أم سليمان بن داود يا بني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل يترك الرجل فقيرا يوم القيامة ”
نلاحظ الخبل فى النصيحة فالله جعل الليل محل النوم كما قال “ومن آياته منامكم بالليل” وقال ” وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا” ومع هذا تأمر ابنها بشىء يخالف كلام الله وهو أمر لم يحدث
22 – حدثنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي في المسجد الحرام قال حدثنا صامت بن معاذ قال قرأنا على أبي قرة موسى بن طارق قال ذكر زرعة بن صالح عن زياد بن سعد عن أبان ابن أبي عياش عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص) يقول إن العبد إذا صلى حتى يدركه النعاس وهو ساجد فإن الله عز وجل يباهي به الملائكة يقول انظروا إلى عبدي نفسه عندي وجسده في طاعتي ”
الخطأ مباهاة الله للملائكة بالناس وهذا جنون حيث يصور الله مثل المخلوقات يباهى غيره وهو ما يخالف قوله “ليس كمثله شىء “زد على هذا أن المباهى يهدف لإغاظة من يباهيهم والملائكة هنا ليست أعداء لله أو منافسين له حتى يغيظهم وهو ما لم يحدث ولن يحدث لأنه لعب عيال
“باب فيمن كان له ورد من الليل يقومه فشغله عنه مرض أو عذر ونام عنه ومن نيته القيام:
23 – حدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي قال حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة بن قدامة عن سليمان الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء يبلغ به النبي (ص) قال من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل ”
الخطأ من نام عن عمله المعناد عليه أهذ قوابه وإن لم يفعله وهو ما يناقض أن الإنسان لا يأخذ ثواب أو عقاب إلا على سعيه وهو عمله كما قال تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى”وهنا لا يوجد عمل فكيف يأخذ ثوابا بلا عمل ؟
24 – حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا سليمان بن يوسف الحراني قال حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني قال حدثنا أبو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن الأسود بن يزيد عن عائشة رحمها الله قالت قال رسول الله (ص) من كان له صلاة يصليها من الليل فنام عنها كان ذلك صدقة تصدق الله عز وجل عليه وكتب له أجر صلاته قال محمد بن الحسين هذا والله أعلم على قدر شدة الأسف على ما فاته من ليلته كيف شغل عنه حتى فاته القيام فقد أخذ نفسه بالتحرز فيما يستقبل خوفا أن يفوته ورده ثانية ”
نفس الخطأ السابق
25 – حدثنا أبو الفضل العباس بن وسف الشكلي قال حدثنا محمد بن منصور الزاهد قال كان لسعد بن يزيد ورد من الليل يقومه ففتر عن ورده ذات ليلة فأصبح حزينا وأنشأ يقول:
ألا في سبيل الله عمر رزيته وطول ليال فات منها نعيمها
أأعبر أيامي فما أستطيعها وتذهب عيني ليلة لا أقومها
وتنقطع الدنيا ويذهب عيشها ويغتنم الخيرات منها حكيمها
أعاود جهلا بعد خير وصبوة تمر بأيامي فتبقى رسومها”
القائل هنا يقسو على نفسه فقيام الليل ليس واجبا وما ليس بواجب فلا بوم فيه ولا عتاب للنفس أو الغير
26 – حدثنا أبو الفضل الشكلي أبيضا قال لي محمد بن عبد العزيز السائح قال حدثنا أبي قال كان فتى من المتعبدين له ورد من الليل يقومه ففتر عن ورده ذلك، قال فبينما أنا ذات ليلة راقد رأيت في منامي كأن فتى وقف علي فقال لي:
تيقظ لساعات من الليل يا فتى لعلك تحبى في الجنان بحورها
فتنعم في دار يدوم نعيمها محمد فيها والخليل بدورها
فقم فتيقظ ساعة بعد ساعة عساك تفضي ما بقي من مهورها”
وعظ صحيح المعنى
27 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال حدثنا عبد الرزاق بن عقيل بن عيسى الأصبهاني قال حدثني أحمد بن عبد الرحمن ابن سلام قال حدثني يحيى بن عيسى بن ضرار السعدي عن عبد العزيز بن سلمان العابد وكان يرى الآيات والأعاجيب قال حدثني مطهر السعدي وكان قد بكى شوقا إلى الله عز وجل ستين عاما قال: رأيت كأني على ضفة نهر يجري بالمسك الأذفر حافتاه لؤلؤ ونبت من قضبان الذهب فإذا أنا بجوار مزينات يقلن بصوت واحد:
سبحان المسبح بكل مكان سبحانه وسبحان الموحد بكل مكان سبحانه سبحان الدائم في كل الأزمان سبحانه فقلت من أنتن؟ فقلن نحن خلق من خلق الرحمن سبحانه، فقلت فما تصنعن ها هنا؟ فقلن:
ذرأنا إله الناس رب محمد لقوم على الأطراف بالليل قوم
يناجون رب العالمين إلههم فتسري هيوم القوم والناس نوم
قلت بخ بخ فهؤلاء من هؤلاء قد أقر الله الكريم أعينهم بكن، قلن أو ما تعرفهم؟ قلت لا والله ما أعرفهم، قلن بلى هؤلاء المتهجدون أصحاب السهر بالقران ”
هذه الحكاية من ضمن الخبل فرؤية الرجل للآيات وهى المعجزات تكذيب لمنع الله الآيات وهى المعجزات فى عهد النبى الأخير (ص) بقوله “وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون”
28 – حدثنا ابن مخلد قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا أحمد قال حدثنا يونس بن يحيى المدني عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه أن تميما الداري نام ليلة لم يقم يتهجد فيها فقام لم ينم فيها ولم يغمض للذي صنع ”
الحكاية من ضمن الخبل الذى لم يحدث فعقاب الإنسان لنفسه يكون على فرض أى واجب وليس على شىء مستحب كما أنه أضاع بذلك قرض أخر وهو أن يعمل نهاره وهو نشيط وجسمه سليم
29 – وحدثنا ابن مخلد قال حدثنا أبو جعفر محمد بن حسان بن فيروز الأزرق قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال كنا نغازي مع عطاء الخراساني فكان يحيي الليل صلاة – فإذا مر من الليل ثلثه أو أكثر نادانا ونحن في فساطيطنا: يا عبد الرحمن بن يزيد ويا يزيد بن يزيد ويا هشام بن الغاز قوموا فتوضؤوا وصلوا فقيام هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من مقطعات الحديد وشراب الصديد، الوحاء الوحاء النجاء النجاء، ثم يقبل على صلاته ”
حكاية تدل على عدم الفهم فلا قيام لليل للمجاهدين لأن المطلوب منهم هو الاستراحة لقتال الأعداء وليس اتعاب الجسم الذى يسهل عملية قتلهم وهزيمة المسلمين بسبب قيام الليل
30 – حدثنا أبو الفضل الشكلي قال سمعت علي بن موفق يقول قال داود بن رشيد: كان فتى من المتعبدين له ورد من الليل فأجنب ذات ليلة فقام واغتسل والماء بارد فاشتد عليه فبكى، فنودي: أنمناهم فأقمناك وتتباكى علينا، أو كما قال أبو الفضل ”
الخطأ وصف مسلم بكونه من المتعبدين أو عابد فلا يوجد مسلم إلا وهو عابد لأن العبادة طاعة الله وهى حكاية تدل على عدم فقد المغتسل فلم يعمل برخصة الله التى أوجبها ولو مات بسبب البرد لكان كافرا لعدم طاعة رخصة الله
“باب ذكر ما يستحب أن يفعله القائم المتهجد
قال محمد بن الحسين أحب لمن أراد القيام من النوم للتهجد أن يتسوك وأن يتطهر وإن أمكنه أن يتطيب فليفعل ويذكر الله عز وجل ويمجده ويحمده بما كان النبي (ص) يذكره ويفعله عند القيام من منامه ويحفظه فإنه باب شريف حسن لمن وفقه الله عز وجل يسير على من يسره الله له
31 – حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا عبد الجبار بن العلاء وأبو عبيد الله المخزومي وإبراهيم بن سعيد الجوهري والحسن بن الصباح وغيرهم واللفظ لعبد الجبار قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا عاصم الأحول عن طاوس عن ابن عباس قال كان رسول الله (ص) إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن بينهن ولك الحمد أنت الحق ولقاؤك حق ومحمد حق اللهم بك امنت ولك أسلمت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر ولا إله غيرك ”
المعنى صحيح وإن كان من المستبعد أن يقول النبى (ص) ومحمد حق لأن المتكلم عن نفسه يقول وأنا حق ولا ينطق اسمه فالكلام هنا عن غائب
32 – حدثنا الفريابي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا هشيم بن بشير قال حدثنا حصين عن أبي وائل عن حذيفة قال كان رسول الله (ص) إذا قام للتهجد يشوص فاه بالسواك ”
المستفاد غسل الأسنان فى الليل
33 – وحدثنا الفريابي قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش ومنصور وحصين عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي (ص) كان إذا قام من الليل يتهجد يشوص فاه بالسواك ”
كسابقه
34 – حدثنا الفيريابي قال حدثنا حبيب بن سعيد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا رضي الله عنه كان يحث عليه ويأمر به يعني السواك، وقال إن الرجل إذا قام يصلي دنا الملك منه فيستمع القران فما يزال يدنو حتى يضع فاه على فيه، فما يلفظ من اية إلا دخلت جوفه ”
35 – وحدثنا الفريابي قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير ووكيع عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إذا قام أحدكم من الليل فليتسوك فإنه إذا قرأ القران دنا الملك منه ثم لم يزل يدنو حتى يضع فاه على فيه
36 – حدثنا الفريابي قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن الزهري قال قال رسول الله (ص) إذا تسوك أحدكم ثم قام يقرأ طاف به الملك يستمع القران حتى يجعل فاه على فيه فلا يخرج اية من فيه إلا في في الملك، وإذا قام ولم يتسوك طاف به ملك ولم يجعل فاه على فيه ”
الخطأ المشترك بين الثلاثة نزول ملاك من الملائكة الأرض ودنوه من المصلى أو القائم وهو ما يناقض أن الملائكة لا تنزل الأرض لخوفها وعدم أمنها من نزول الأرض كما قال تعالى “قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا”
37 – حدثنا أبو عبد الله ابن مخلد العطار قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا أبو عيسى عن عون بن عبد الله قال كان عبد الله بن مسعود إذا قام إلى الصلاة تعجبه الريح الطيبة والثوب النظيف ”
المستفاد وجوب نظافة المصلى ومكان الصلاة
38 – حدثنا ابن مخلد العطار قال حدثنا العباس الدوري حدثنا عثمان بن عمر عن يونس بن يزيد قال حدثني مولى لابن محيريز أن ابن محيريز كان إذا قام إلى الصلاة دعا بغالية وضمخ بها ما يردع ”
كسابقه
39 – حدثنا ابن صاعد قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال حدثنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا سفيان الثوري عن عامر عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال ما أتيت عبد الله بن مسعود في تلك الساعة إلا وجدته يصلي فقلت له في ذلك فقال نعم ساعة القبلة يعني ما بين المغرب والعشاء ”
40 – وحدثنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا عمارة بن زاذان عن ثابت البناني قال كان أنس بن مالك يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول هذه ناشئة الليل ”
الصلاة بين الصلاتين هى تضييع لأمور أخرى فرضها فلو كان المطلوب الصلاة باستمرار لفرضها ولكن الله لحكمته جعل بين الصلوات فسحة من الوقت لقضاء المصالح والحاجات
41 – وحدثنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد عن ابن عمر قال من أحيى أربع ركعات بعد المغرب كان كالمعقب غزوة بعد غزوة ”
الخطأ مساواة المصلى بالمجاهد وهو ما يناقض كون المجاهد أفضل كما قال تعالى” فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة”
42 – وحدثنا أبو محمد أيضا قال حدثنا الحسين بن الحسن قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عبيدة عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال صلاة الأوابين الخلوة التي بين المغرب والعشاء حتى يثوب الناس إلى الصلاة ”
نفس الخطأ السابق وهى تناقض حديث أخر وهو صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ” أى وقت الظهر
43 – وحدثنا أبو محمد بن صاعد أيضا قال حدثنا الحسين بن الحسن قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثنا زهرة بن معبد عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال إذا صليت المغرب فقم فصل صلاة رجل لا يريد أن يصلي تلك الليلة، فإن رزقت من الليل قياما كان خيرا رزقته، وإن لم ترزق قياما كنت قد قمت أول الليل ”
الرجل يبتدع صلاة من عنده لم يفرضها الله
44 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا يزيد بن أبي حكيم العدني قال سألت سفيان الثوري عن قول الله عز وجل: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون ايات الله اناء الليل وهم يسجدون} فحدثني عن منصور قال بلغني أنهم كانوا يصلون ما بين المغرب والعشاء ”
الرجل هنا لم يفهم كلام الله فأناء الليل تعنى أجزاء الليل المختلفة التى يصحوها وليس ما بين المغرب والعشاء فقط
45 – حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال حدثنا أبو زكريا بن بارحة قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك في قول الله عز وجل: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال بين المغرب والعشاء ”
نفس الخطأ السابق
46 – وحدثنا أبو عبد الله ابن مخلد قال حدثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى بن خلاد قال حدثنا محمد بن عون بن عمارة العبدي قال: حدثنا مخلد – أبو الهيثم الدهان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله (ص) ما من صلاة أحب إلى الله عز وجل من صلاة المغرب، ختم بها نهاره واستفتح بها الليل، لم يحطها عن مسافر ولا عن مقيم، فمن صلاها ثم صلى بعدها ركعتين من غير أن يكلم أحدا كتبتا له أو رفعتا له في عليين، فإن صلى بعدها أربع ركعات من غير أن يكلم جليسا بنى الله عز وجل له قصرين مكللين بالدر والياقوت بينهما من الخيام ما لا يعلم علمها إلا الله عز وجل، فإن صلاهما ست ركعات من غير أن يكلم جليسا غفرت له ذنوبه أربعين عاما ”
نلاحظ الخبل وهو أن صلاة المغرب تقع فى النهار وتقع فى الليل فى نفس الوقت بقول القائل “ختم بها نهاره واستفتح بها الليل”
والخطأ ألخر أن ثواب صلاة المغرب بنى الله عز وجل له قصرين مكللين بالدر والياقوت بينهما من الخيام ما لا يعلم علمها إلا الله عز وجل، فإن صلاهما ست ركعات من غير أن يكلم جليسا غفرت له ذنوبه أربعين عاما ” فهى مخالفة للأجور فى القرآن وهى 10أو 700أو 1400حسنة مصداق لقوله تعالى “من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها “وقوله “مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ”
هنا تكفر الذنوب40 سنة وهو ما يناقض أنها تكفر ذنوب 12 ستة فى الرواية التالية :
47 – وحدثنا ابن مخلد قال حدثنا حفص بن عمرو الربالي قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني عمر بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) من صلى ست ركعات بعد المغرب لا يتكلم بينهن بسوء عدلن له كفارة اثنتي عشرة سنة ”
والخطأ صلاة ست ركعات بعد المغرب كفارة اثنتي عشرة وهو يخالف أن حسنة أى عمل صالح يمحوأى يكفر كل السيئات وليس سيئات12 سنة مصداق لقوله تعالى بسورة هود”إن الحسنات يذهبن السيئات ”
قال محمد بن الحسين:
48 – وقد روي عن سفيان الثوري أنه قال من صلى بعد المغرب ركعتين يقرأ في كل عشرين مرة قل هو الله أحد بني له قصر في الجنة فإذا أصبح قالت الملائكة انطلقوا بنا ننظر إلى قصر فلان ”
الخطأ أن ثواب قراءة قل هو الله 20 مرة أحد بناء قصر في الجنة وهو ما يناقض ان المسلمين جميعا قرئوا أو لم قرئوا العشرين مرة لهم قصور فى الجنة