الرئيسية / كتب وأصدارات / قراءة فى كتاب دفع التعسف عن اخوة يوسف

قراءة فى كتاب دفع التعسف عن اخوة يوسف

قراءة فى كتاب دفع التعسف عن اخوة يوسف
الكتاب تأليف جلال الدين السيوطى وموضوعه إجابة على سؤال هل اخوة يوسف(ص) رسل مثله أم لا وفى هذا قال السيوطى:
“مسألة – في رجلين قال أحدهما إن أخوة يوسف (ص) أنبياء وقال الآخر ليسوا بأنبياء فمن أصاب”
وكان الجواب :
“الجواب – في أخوة يوسف عليه السلام قولان للعلماء والذي عليه الأكثرون سلفا وخلفا أنهم ليسوا بأنبياء أما السلف فلم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم قالوا بنبوتهم- كذا قال ابن تيمية، ولا أحفظه عن أحد من التابعين وأما أتباع التابعين فنقل عن ابن زيد أنه قال بنبوتهم وتابعه على هذا فئة قليلة وأنكر ذلك أكثر الأتباع فمن بعدهم، وأما الخلف فالمفسرون فرق منهم من قال بقول ابن زيد كالبغوي ومنهم من بالغ في رده كالقرطبي والإمام فخر الدين وابن كثير ومنهم من حكى القولين بلا ترجيح كابن الجوزي ومنهم من لم يتعرض للمسألة ولكن ذكر ما يدل على عدم كونهم أنبياء كتفسيره الأسباط بمن نبئ من بني إسرائيل والمنزل إليهم بالمنزل إلى أنبيائهم كأبي الليث السمرقندي والواحدي ومنهم من لم يذكر شيئا من ذلك ولكن فسر الأسباط بأولاد يعقوب فحسبه ناس قولا بنبوتهم وإنما أريد بهم ذريته لا بنوه لصلبه كما سيأتي تحرير ذلك، قال القاضي عياض في الشفا أخوة يوسف لم تثبت نبوتهم وذكر الأسباط وعدهم في القرآن عند ذكر الأنبياء قال المفسرون يريد من نبئ من أبناء الأسباط فانظر إلى هذا النقل عن المفسرين من مثل القاضي، وقال ابن كثير أعلم أنه لم يقم دليل على نبوة أخوة يوسف”
فى الفقرة السابقة نجد انقسام القوم بين أكثرية تنفى رسولية أو نبوة اخوة يوسف(ص) وأقلية تنفيها وذكر السيوطى أدلة المثبتين فى رأى ابن كثير فقال:
“وظاهر سياق القرآن يدل على خلاف ذلك ومن الناس من يزعم أنهم أوحى إليهم بعد ذلك وفي هذا نظر ويحتاج مدعى ذلك إلى دليل ولم يذكروا سوى قوله تعالى (وما أنزل إلى إبراهيم إلى قوله والأسباط)”
ثم ذكر رأى ابن كثير وهو وجود احتمال ولكنه رجح أنه بعيد فقال:
” وهذا فيه احتمال لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط كما يقال للعرب قبائل وللعجم شعوب فذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمالا لأنهم كثيرون ولكن كل سبط من نسل رجل من أخوة يوسف ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحى إليهم ”
ثم ذكر كلام الواحدى عن كون الأسباط قبائل وليس اخوة يوسف(ص) فقال:
” وقال الواحدي الأسباط من ولد إسحاق بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل وكان في الأسباط أنبياء وقال في قوله تعالى (ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب) يعني المختصين بالنبوة منهم، وقال السمرقندي في قوله تعالى (وما أنزل إلينا) إلى قوله والأسباط السبط بلغتهم بمنزلة القبيلة للعرب وما أنزل على أنبيائهم وهم كانوا يعملون به فأضاف إليهم كما أنه أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فأضاف إلى أمته فقال وما أنزل إلينا فكذلك الأسباط أنزل على أنبيائهم فأضاف إليهم لأنهم كانوا يعملون به وقال في قوله تعالى (إنا أوحينا إليك) إلى وقوله (والأسباط) هم أولاد يعقوب أوحى إلى أنبيائهم”
ثم نقل السيوطى رأى ابن تيمية الذى لخصه فى كتاب له فى المسألة فقال :
“ثم رأيت الشيخ تقي الدين بن تيمية ألف في هذه المسألة مؤلفا خاصا قال فيه ما ملخصه: الذي يدل عليه القرآن واللغة والاعتبار أن أخوة يوسف ليسوا بأنبياء وليس في القرآن ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم بل ولا عن أصحابه خبر بأن الله تعالى نبأهم وإنما احتج من قال إنهم نبئوا بقوله في آيتي البقرة والنساء (والأسباط) وفسر الأسباط بأنهم أولاد يعقوب، والصواب أنه ليس المراد بهم أولاده لصلبه بل ذريته كما يقال فيهم أيضا بنو إسرائيل وقد كان في ذريته الأنبياء فالأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل، قال أبو سعيد الضرير أصل السبط شجرة ملتفة كثيرة الأغصان فسموا الأسباط لكثرتهم فكما أن الأغصان من شجرة واحدة كذلك الأسباط كانوا من يعقوب ومثل السبط الحافد وكان الحسن والحسين سبطى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأسباط حفدة يعقوب ذرارى أبنائه الاثنى عشر، وقال تعالى (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما) فهذا صريح في أن الأسباط هم الأمم من بني إسرائيل كل سبطة أمة لا أنهم بنوه الاثنا عشر بل لا معنى لتسميتهم قبل أن تنتشر عنهم الأولاد أسباطا فالحال أن السبط هم الجماعة من الناس ومن قال الأسباط أولاد يعقوب لم يرد أنهم أولاده لصلبه بل أراد ذريته كما قال بنو إسرائيل وبنو آدم فتخصيص الآية ببنيه لصلبه غلط لا يدل عليه اللفظ ولا المعنى ومن ادعاه فقد أخطأ بينا والصواب أيضا أن كونهم أسباطا إنما سموا به من عهد موسى للآية المتقدمة ومن حينئذ كانت فيهم النبوة فإنه لا يعرف أنه كان فيهم نبي قبل موسى إلا يوسف ومما يؤيد هذا أن الله تعالى لما ذكر الأنبياء من ذرية إبراهيم قال ومن ذريته داود وسليمان الآيات فذكر يوسف ومن معه ولم يذكر الأسباط فلو كان أخوة يوسف نبئوا كما نبئ يوسف لذكروا معه وأيضا فإن الله يذكر عن الأنبياء من المحامد والثناء ما يناسب النبوة وإن كان قبل النبوة كما قال عن موسى (ولما بلغ أشده الآية) وقال في يوسف كذلك”
كلام ابن تيمية هو نفسه كلام ابن كثير والواحدى فى اعتبار السبط الأمة وليس الأبناء والمأخوذ على كلام ابن تيمية السابق هو أن الله يذكر عن الأنبياء من المحامد والثناء ما يناسب النبوة وإن كان قبل النبوة كما قال عن موسى (ولما بلغ أشده الآية) وقال في يوسف كذلك” وهو كلام ليس سليم تماما فلو اعتبرنا اخفاء يوسف(ص) جريمة كبرى فقد ارتكب موسى(ص) جريمة القتل مرة وتاب منها وكاد يكررها كما قال تعالى “ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه فوكزه فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين وأصبح فى المدينة خائفا يترقب فإذا الذى استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوى مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذى هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا فى الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين”
فالجريمة لا تمنع من النبوة أى الرسالة خاصة أن بعضهم لم يرض بها بل ونهاهم عن قتل يوسف(ص) ولكنه انقاد لرأى الجماعة
ثم نقل السيوطى بقية ما لخصه من كتاب ابن تيمية فقال :
” وفي الحديث أكرم الناس أكرم ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم نبي من نبي من نبي فلو كانت اخوته أنبياء كانوا قد شاركوه في هذا الكرم وهو تعالى لما قص قصة يوسف وما فعلوا معه ذكر اعترافهم بالخطيئة وطلبهم الاستغفار من أبيهم ولم يذكر من فضلهم ما يناسب النبوة ولا شيئا من خصائص الأنبياء بل ولا ذكر عنهم توبة باهرة كما ذكر عن ذنبه دون ذنبهم بل إنما حكى عنهم الاعتراف وطلب الاستغفار ولا ذكر سبحانه عن أحد من الأنبياء لا قبل النبوة ولا بعدها أنه فعل مثل هذه الأمور العظيمة من عقوق الوالد وقطيعة الرحم وإرقاق المسلم وبيعه إلى بلاد الكفر والكذب البين وغير ذلك مما حكاه عنهم ولم يحك عنهم شيئا يناسب الاصطفاء والاختصاص الموجب لنبوتهم بل الذي حكاه يخالف ذلك بخلاف ما حكاه عن يوسف”
فى الفقرة السابقة كرر ابن تيمية كلامه عن ذنوب اخوة يوسف(ص) مع أن النبى الأخير نفسه قال الله له “ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر”
واخوة يوسف(ص) اعترفوا بذنوبهم بقولهم “إنا كنا خاطئين ” وطلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم كما قال تعالى “يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا” ومن اعترف بذنبه فقد أبدى الاستعداد لطلب الغفران من الله كما انه لو لم يستغفروا ما سجدوا ليوسف(ص) كما قال تعالى “ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم”
كما أنهم رضوا بوصية أبيهم وهو البقاء على الإسلام وهو عبادة الله كما قال تعالى:
“أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون” وهذا مدح لهم كما أن اصطفاء الدين لهم والمراد بنى يعقوب (ص) مدح لهم كما قال تعالى:
“ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون”
وهناك مشكلة لم يلاحظها القوم وهو أن أخو يوسف(ص) الحادى عشر لم يشارك فى تلك الذنوب لكون أصغر القوم ولكونه أخيه ابن أمه وأبيه كما يقال فلماذا استبعدوه هو الأخر ؟
كما أن الاخوة العشرة لابد أن منهم من كان مقاربا ليوسف (ص) فى السن يعنى طفل هو الأخر لأن يوسف(ص) كان طفلا صغيرا عندما وقعت الجريمة الأولى ولابد أن واحد أو اثنين منهم كانوا من الأطفال ولم يشاركوا فى الجرائم فلماذا يتم أخذهم بذنب الكبار ؟
ثم نقل السيوطى بقية تلخيصه لكلام ابن تيمية فقال :
” ثم إن القرآن يدل على أنه لم يأت أهل مصر نبي قبل موسى سوى يوسف لآية غافر، ولو كان من أخوة يوسف نبي لكان قد دعا أهل مصر وظهرت أخبار نبوته فلما لم يكن ذلك علم أنه لم يكن منهم نبي فهذه وجوه متعددة يقوى بعضها بعضا. وقد ذكر أهل السير أن أخوة يوسف كلهم ماتوا بمصر وهو أيضا وأوصى بنقله إلى الشام فنقله موسى”
كلام ابن تيمية عن عدم وجود نبى لأهل مصر قبل يوسف(ص) خاطىء فالآية وهى:
“ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا”
لا تدل على عدم بعث رسول قبله ومن الممكن أن يكون الأسباط وهم اخوة يوسف(ص) أنبياء مشاركين ليوسف(ص) فى الرسالة كما طلب موسى(ص) الرسالة لأخيه هارون(ص) ومن ثم يذكر النبى الأساسى ولا يذكر البقية كما ذكر موسى(ص) كثيرا ولم يذكر هارون (ص) إلا قليلا ولا غرابة ان يبعث الاثنا عشر فقد بعث الله ثلاثة لقرية يس فقال “واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون”
ثم ذكر السيوطى بقية رأى ابن تيمية وهو تكرار لكون الأسباط ليسوا ألأخوة وإنما قبائل بنى إسرائيل فقال:
والحاصل أن الغلط في دعوى نبوتهم حصل من ظن انهم هم الأسباط وليس كذلك إنما الأسباط ذريتهم الذين قطعوا أسباطا من عهد موسى كل سبط أمة عظيمة ولو كان المراد بالأسباط أبناء يعقوب لقال ويعقوب وبنيه فإنه أوجز وأبين واختير لفظ الأسباط على لفظ بني إسرائيل للإشارة إلى أن النبوة إنما حصلت فيهم من حين تقطيعهم أسباطا من عهد موسى- هذا كله كلام ابن تيمية والله أعلم.”
وكلام القوم عن لفظ الأسباط ليس سليما فلو كانت تعنى الأنبياء (ص) من ذرية يعقوب(ص) وليس الاخوة كلهم أو حتى يوسف(ص) ما قالها الله وذكر بعدها بعض الأنبياء من ذرية يعقوب(ص) كموسى (ص)وعيسى(ص) كما فى قوله :
“قل أمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم”
وكذلك الأمر فى الآية التالية حيث ذكر ست رسل من بنى إسرائيل بعد كلمة الأسباط فقال:
“إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وأتينا داود زبورا”
ومن قم لا يمكن أن يكون تفسيرها القبائل أو السر من بنى إسرائيل فالله لا يوحى للكفار خاصة أن بنى إسرائيل كان أكثرهم كفرة
ولو كان المراد بالأسباط القبائل او الرسل منهم ما قال الله لبنى إسرائيل أن الأسباط قد خلوا أى ماتوا فى الآيات التالية:
“أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون”
فلو كانوا هم هم لم يقل أنهم ماتوا
كما ان قول يعقوب (ص) عن إتمام النعمة وهى الرسالة على يوسف(ص) وعلى بقية آل يعقوب(ص) تعنى اخوته كما أعطاها من قبل إبراهيم(ص) وإسحاق(ص) فى قوله تعالى :
“وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق إن ربك عليم حكيم”

****************************************************************

نقد كتاب الساري في معرفة خبر تميم الداري مؤلف الكتاب هو المقريزي المتوفى: 845 هـ وموضوع الكتاب كما قال :
“فهذه مقالة وجيزة وتحفة سنية عزيزة سميتها ضوء الساري لمعرفة خبر تميم الداري”
استهل المقريزى الكتاب بعدة صفحات عن الأنساب لا علاقة لها بها بموضوع الكتاب وهو تميم الدارى وفى نهايتها ذكر لنا نسب تميما الدارى وهذه الصفحات هى:
“فصل:
اتفق جميع فرق الإسلام وسائر أهل الكتاب من اليهود والنصارى على أن نسم جميع الإنس على اختلاف أجناسهم مخلوقة من آدم عليه السلام
قال الله جلت قدرته: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدةوخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء}
وقال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}
وأجمعوا مع ذلك أن نوحا عليه السلام هو الأب الثاني وأن العقب من آدم عليه السلام انحصر فيه فليس أحد من بني آدم إلا وهو من ولد نوح عليه السلام
وأهل الهند وأهل الصين لا يقرون بذلك ويقول بعضهم أن الطوفان لم يحدث سوى في إقليم بابل وما وراءه من البلاد الغربية فقط فإن ولد كيومرت الذي هو عندهم آدم كان بالشرق فلم يصلهم الطوفان ولذلك أهل الصين والهند لا يعرفون الطوفان والله أصدق القائلين قال سبحانه وتعالى: (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين) فهذا قول الله تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا}
وأجمعوا مع ذلك على أن العقب من نوح عليه السلام انحصر في أولاده الثلاثة وهم سام وحام ويافث وأن العرب بأسرها من ولد سام بن نوح واتفق علماء النسب على أن العرب من ولد يعرب بن قحطان وأن العرب قسمان:
العرب العاربة: وهو العرب العرباء وأرادوا المبالغة في العربية وكانوا في الزمن الغابر والدهر القديم فطالت مددهم في الحياة وامتددت مملكتهم في جميع المعمور من الأرض وبنوا مدينة الإسكندرية وهي من مصر وسمرقند وإفريقية وعدة مدائن بالشرق والمغرب
وعمروا آلاف كثيرة من السني وعظمت خلقهم كما ذكرت ذلك في كتاب الخبر عن البشر وهو المدخل إلى كتاب امتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع (ص)
والقسم الثاني: العرب المستعربة وهم بنو إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلامواتفقوا مع ذلك على أن العرب ترجع إلى قحطان وعدنان المضرية والنزارية وهي قيس فإذا العرب قيس ويمن
واتفقوا أيضا على أن العرب طبقات:
1 – شعب بفتح الشين المعجمة وقبيلة وعمارة بفتح العين المهملة وبطن وفخذ وفصيلة وما بينهما من الأباء يعرها أهلها كما قد بينته بيانا شافيا في كتاب وفي كتاب عقد جواهر الإسفاط في أخبار مدينة الفسطاط
فإذا تقرر ذلك فاعلم أن يعرب بن قحطان بن عابر بن سالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام على خلاف في نسب قحطان تشعبت من بطون حمير وكهلان أبناء سبأ بن يسخب بنيعرب بن قحطان وانفرد بنوا حمير بالملك فكان منهم التبابعة أهل الدول المشهورة وفي حمير عدة بطون قد ذكرناها بحمد الله ذكرا شافيا فيما تقدم ذكره وتداول بنو كهلان الملك في أول أمرهم ثم انفرد بنو حمير به دونهم وبقيت بطون بني كهلان تحت مملكتهم باليمن فلما ذهب ريح بقيت الرئاسة على العرب البادية لبني كهلان فلم يأس ولا ما مر في العرب إلا من كان منهم على ما بيناه هناك
واعلم أن شعوب كهلان بانفرادها انشعبت من زيد بن كهلان في مالك وغريب ابني زيد بن كهلان فمن مالك بن زيد بن كهلان بطن همدان بإسكان الميم ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان وهو أعظم قبائل اليمن
ومن مالك أيضا الأزد وهو در ابن غوث بن نبت ابن مالك ومنه خثعم وبجيلة أبناء أنمار بن أرائس أخي الأزد بن الغوث فالأزد بطن عظيم متسع ذو شعوب كثيرة وخثعم وبجيلة بطون عديدة أيضا ومن عريب بن زيد بن كهلان طيء والأشعريون ومذحج وبنو مرة وأربعتهم بنو أدد بن زيد بن يسخب بن عريب بن زيد بن كهلان ومن بطن مذحج واسمه مالك بن أدد بن هنس بالنون ومراد واسمه نخابر بن مذحج وسعد العشيرة بن مذحج وهو بطن عظيم لهم شعوب كثيرة وزبيد بن مصعب بن سعد العشيرة ومن بطون مذحج النخع ورها ومسلية وبنو الحارث بن كعب
فأما النخع فهو ابن عمرو بن علة بن خالد بن مذحج وأما بنو الحارث فأبوهم الحارث بن كعب بن علة المذكور ”
والخطأ هو ان نوح(ص) كان له ذرية أى نسل عاش بعد الطوفان اعتمادا على تفسير الذرية بالنسل فى قوله” ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين”
وقد غفل القوم عن قوله “ونجيناه وأهله” فأهله هم المؤمنون به لأن الله استبعد ابنه الكافر من أهله عندما قال “إن ابنى من أهلى ” فكان رد الله “إنه ليس من أهلك ” وكذلك زوجته الكافرة ومن ثم فالذرية هنا تعنى الأهل وهم الأتباع أى المؤمنين ولذا فحكاية ألأولاد الثلاثة كذبة وخرافة لأن بنى إسرائيل قال الله أنهم من نسل المؤمنين برسالة نوح(ص) فقال “وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا”
وما ذكره من تلك الأسماء والآباء هو كلام لا يوجد عليه دليل من وحى الله ومعظمه منقول من كتب اليهود والنصارى المحرفة
بعد هذا ذكر المقريزى نسب تميم الدارى فقال :
“وقد ذكرنا فيما تقدم من الكتابين هذه البطون كلها والغرض هنا أنما هو ذكر بني مرة بن أدد أخوة طيء ومذحج والأشعريين فإنهم أصل لخم وهم عدة بطون كلها تنتهي إلى الحارث بن مرة بن أدد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان وقيل لخم بن عدي بن مرة بن أدد بن مهسع بن عمرو بن عريب بن يشخب بن زيد بن كهلان بن سبأ وهو بطن كبير متسع ذو شعوب وقبائل منهم الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم
منهم تميم بن أوس بن خارجة بن سود ويقال سواد وسواد أصح ابن خذيفة بن ذراع بفتح الذال المعجمة بن عدي بن الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم بن عدي أبو رقية الداري رقية هنا بضم الراء المهملة وفتح القاف وتشديد الياء آخر الحروف الصحابي ”
وبالقطع هذا النسب لا يهم المسلم فى شىء فالنسب المهم هو الآباء الأربعة أو الخمسة الأواخر حيث يتعلق بهم الميراث
ثم بين المقريزى أن حديث الجساسة اختص به تميم الدارى دون غيره ورواه عنه عيره وهو كلام غير مقبول فالوحى يبلغ لكل الناس وليس لفرد واحد وفى هذا قال المقريزى:
” روى عن: النبي (ص)حديث الجساسة وروى عنه: عبد الله بن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة وعبد الله بن موهب وقبيصة بن ذويب على ما قيل وسليم بن عامر وشرحبيل بن مسلم وعبد الرحمن بن غنم وعطاء بن زيد الليثي وروح بن زنباع وكثير بن ضمرة وبرة بن عبد الرحمن وزرارة بن أوفى والأرهر بن عبد الله وطائفة كثيرة وخرج له مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وأما حديث الجساسة فخرجه الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري من طريق:
الحسين بن ذكوان حدثنا ابن بريدة حدثني عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال: حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله (ص) لا تسنديه إلى أحد غيره فقالت: لئن شئت لأفعلن فقال لها: أجل حدثيني فقالت: نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله (ص) فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول الله (ص) وخطبني رسول الله (ص)على مولاه أسامة بن زيد وكنت قد حدثت أن رسول الله (ص) قال: من أحبني فليحب أسامة فلما كلمني رسول الله (ص)قلت: أمري بيدك فأنكحني من شئت فقال: انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل فقال: لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله (ص) ينادي: الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله (ص) فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله (ص)صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه
إلى خبركم بالأشواق قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال: فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال: أخبروني عن نخل بيسان قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب قال: أخبروني عن عين زغر قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم قال: أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قالت: قال رسول الله (ص) وطعن بمخصرته في المنبر: هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس: نعم فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه في بحر الشأم أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق قالت: فحفظت هذا من رسول الله (ص)
وقد خرج مسلم هذا الحديث من طرق وهو معدود في مناقب تميم الداري لأن النبي (ص)روى عنه هذه القصة وهي من باب رواية الفاضل عن المفضول والمتبوع عن التابع ”
وروايات الحديث فى صحيح مسلم تناولتها فى كتابى تناقضات صحيح مسلم فقلت :
“نلاحظ عدة تناقضات أولها فى العين التى بها عور فمرة اليمنى وهو قولهم ” أَلاَ وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ »ومرة اليسرى وهو قولهم “« الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى” وثانيها فيما مع الدجال فمرة ” وَإِنَّهُ يَجِىءُ مَعَهُ مِثْلُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَالَّتِى يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ هِىَ النَّارُ ومرة ” إِنَّ مَعَهُ نَهْرًا مِنْ مَاءٍ وَنَهْرًا مِنْ نَارٍ ونلاحظ تناقضا فيمن ركب البحر وعرف أمر الجساسة والدجال فمرة تميم الدارى وهو قولهم ” وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِىَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ وَحَدَّثَنِى حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ حَدَّثَنِى أَنَّهُ رَكِبَ فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِى الْبَحْرِ” ومرة أولاد عم تميم وهو قولهم ” فَقَالَ « إِنَّ بَنِى عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِىِّ رَكِبُوا فِى الْبَحْرِ”
وبالقطع هذا الحديث ليس صحيحا نظرا لتناقض رواياته التى ذكرتها وقد استدل المقريزى به على قبول خبر الواحد فقال:
“وفيها دليل على قبول خبر الواحد ”
وخبر الواحد قد يقبل فى القضايا بين الناس ولكن فى الوحى الذى تم تبليغه للناس فلا يقبل لأن الوحى شىء عام إن لم يبلغ للجموع فهذا معناه كتم الرسالة كما قال تعالى “يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس” ويتعارض مع تعليم الرسول(ص) الدين كاملا لطائفة من كا قوم كما قال تعالى “وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون”
فتعليم الطوائف من ألقوام المختلفين دليل على أن الدين وصل كاملا لجموع الناس وليس لفرد واحد
وتحدث المقريزى عن الجساسة فقال :
“والجساسة بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى سميت بذلك لأنها تتجسس الأخبار للدجال وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن ”
وبالقطع لا يوجد شىء اسمه الجساسة كما أن الدجال هو وهم هو الأخر مأخوذ من أديان أخرى كالوحش المرموز له بثلاث ستات فى النصرانية ليس هناك شىء اسمه المسيخ الدجال لسبب هو أن قاتله وهو المسيح (ص)لن يبعث مرة أخرى فى الدنيا لقوله تعالى بسورة الأنبياء “وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون “فهنا لا يمكن رجوع أحد للحياة الدنيا لتجريم الله هذا
ونلاحظ التناقضت فى الدجال بين قوله كافر وقوله تهجاها ك ف ر فليس كافر وإنما هى كفر والتناقض بين قوله “أنه أعور “وقوله الدجال ممسوح العين “فالعور ليس مسح العين لأن العور يعنى سلامة النظر مع وجود مرض فيها يجعل بؤبؤ العينين لا يتحركان حركة منتظمة وأما مسحها فيعنى عدم وجود النظر إطلاقا .
ولا يوجد دجال واحد وإنما يوجد ألوف الألوف من الدجالين والنبى(ص) لا يعلم الغيب مصداق لقوله تعالى بسورة الأنعام “ولا أعلم الغيب”
ثم تناول المقريزى أمورا لا علاقة بتميم الدارى كحكاية تأيم فاطمة بنت قيس وحكاية أم شريك باعتبارها روت الحديث وأم شريك أوتها فقال:
“وفاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر القرشية الفهرية أحد المهاجرات الأول الجميلات العاقلات النبلات كانت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي واسمه عبد الحميد وقيل اسمه كنيته فطلقها لما بعثه رسول الله (ص)مع علي بن أبي طالب حين وجهه (ص)أميرا على اليمن وبعث إليها تطليقة وهي بقية طلاقها ثم مات هناك مع علي بن أبي طالب فتأيمت أي صارت أيما وهي لا زوج لها فخطبها معاوية وأبو جهم بن حذيفة فاستشارت النبي (ص)فيهما فأشار عليهما بأسامة بن زيد فتزوجته
وذكر البخاري في التاريخ أنه عاش إلى خلافة عمر وقولها فأصيب ليس معناه أنه قتل في الجهاد مع النبي (ص) وتأيمت بذلك بل إنما تأيمت بطلاق البائن ويكون معنى فأصيب أي بجراحة أو أصيب في ماله أو نحو ذلك وأرادت عد فضائله فابتدأت بكونه خير شباب قريش ثم ذكرت الباقي وقوله وأم شريك من الأنصار أنكر هذا بعضهم وقال: إنما هي قرشية من بني عامر بن لؤي واسمها غزية وقيل غزلية وذهب آخرون إلى أنهما اثنتان قرشية وأنصارية فالقرشية العامرية هي أم شريك غزية بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة بن ضباب بن حجر ويقال: حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي وهي التي وهبت نفسها للنبي (ص)على خلاف في ذلك قد ذكرته في كتاب إمتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع (ص)عند ذكر أزواج رسول الله (ص)
وأما أم شريك الأنصارية فمن بني النجار ولم يذكرها بن عبد البروإنما روى الحاكم في المسترك من طريق محمد بن إسحاق حدثنا أبو الأشعث حدثنا زهير بن العلاء حدثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة قال: وتزوج رسول الله (ص)أم شريك الانصارية من بنى النجار وقال: إنى أحب أن أتزوج من الأنصار ثم قال إني أكره غيرتهن ولم يدخل بها وقوله انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر فهر قريش وهو من البطن الذي هي من ابن أم مكتوم صفة لعبد الله لا لعمرو فإنه عبد الله ابن أم مكتوم وهي أمه فينسب تارة إلى أبيه عمرو وتارة ينسب إلى أمه أم مكتوم فينبغي أنه يكتب في قولنا ابن أم مكتوم بألف في ابن وفي قولها هذا إشكال فإن ابن أم مكتوم بن عامر بن لؤي وفاطمة بنت قيس من بني محارب بن فهر فكيف يكون ابن عمها وأنها من البطن الذي هو منه؟
وقد أجيب عن هذا الإشكال: بأن المراد بالبطن هنا القبيلة لا البطن الذي هو دون القبيلة والمراد أنه ابن عمها مجازا لكونه من قبيلتها وفيه نظر
وقوله ثم ارفوا إلى جزيرة وهو بالهمز يقال رفاء السفينة بالهمز يرفوها رفاء أدناها من الشط وهو المرفأ وقوله فجلسوا في أقرب السفن هو بضم الرآء المهملة وقد اختلف فيه فقيل المراد بأقرب قارب وهي السفينة الصغيرة التي تكون مع الكبيرة يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم الجمع قوارب والواحد قارب بكسر الراء وفتحها وجاء هنا أقرب وهو صحيح لكنه على خلاف القياس وقيل: المراد بأقرب السفينة أخرياتها وما قرب منها للنزول ”
وكل هذا لا ينبغى ذكره لكون الكتاب فى تميم ثم شلاح معنى الأهلب ثم ذكر حكاية إسلام تميم فى عشرة فقال :
“قوله دابة أهلب كثير الشعر الأهلب الغليظ الشعر مع الكثرة قوله من قبل المشرق ما هو ما هنا زائدة صلة للكلام وليست بنافية والمراد إثبات أنه في جهة المشرق والله أعلم وقال محمد بن سعد في (الطبقات) : أخبرنا محمد بن عمر يعني الواقدي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (ح) وأخبرنا هشام بن محمد الكلبي أخبرنا عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه قالا: قدم وفد الداريين على رسول الله (ص)منصرفه من تبوك وهم عشرة نفر فيهم: تميم ونعيم ابنا أوس بن خارجة بن سواد بن جذيمة بن دراع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم ويزيد بن قيس بن خارجة والفاكه بن النعمان بن جبلة بن صفارة قال الواقدي: صفارة وقال هشام: صفار بن ربيعة بن دراع بن عدي بن الدار وجبلة بن مالك بن صفارة وأبو هند والطيب ابنا ذر وهو عبد الله بن رزين بن عميت بن ربيعة بن دراع وهانئ بن حبيب وعزيز ومرة ابنا مالك بن سواد بن جذيمة فأسلموا وسمى رسول الله (ص)الطيب عبد الله وسمى عزيزا عبد الرحمن وأهدى هانئ بن حبيب لرسول الله (ص)راوية خمر وأفراسا وقباء مخوصا بالذهب فقبل الأفراس والقباء وأعطاه العباس بن عبد المطلب فقال: ما أصنع به؟ قال: انتزع الذهب فتحليه نساءك أو تستنفقه ثم تبيع الديباج فتأخذ ثمنه فباعه العباس من رجل من يهود بثمانية آلاف درهم وقال تميم: لنا جيرة من الروم لهم قريتان يقال لإحداهما: حبرى والأخرى بيت عينون فإن فتح الله عليك الشأم فهبهما لي قال: فهما لك فلما قام أبو بكر أعطاه ذلك وكتب له كتابا وأقام وفد الداريين حتى توفي رسول الله (ص) وأوصى لهم بجاد مئة وسق فلما ولى أبو بكر أعطاه ذلك وكتب له كتابا هذا الكتاب يأتي ذكره إن شاء الله تعالى ويحمل الإعطاء من أبي بكر على الإحضاء فإن عمر هو الذي أعطى ذلك تميما على ما سيأتي إن شاء الله تعالى فأطلق الراوي عليه عطيه كما سيظهر لك فيما بعد إن شاء الله تعالى ”
ونقل المقريزى رواية أخرى تتناقض فى عدد من أسلموا فبدلا من عشرة سنة فقال :
“وخرج الطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم في معرفة الصحابة وابن عساكر في تاريخ دمشق على ما نقلته من طريق سعيد بن زياد بن فائد بن زياد بن أبي هند الداري عن أبي عن جده عن أبي هند الداري قال: قدمنا على رسول الله (ص)بمكة ونحن ستة نفر تميم بن أوس ونعيم بن أوس أخوه ويزيد بن قيس وأبو هند بن عبد الله وأخوه الطيب بن عبد الله فسماه رسول الله (ص)عبد الرحمن وفاكه بن النعمان فأسلمنا”
ثم ذكر المقريزى روايات بعضها متناقض فى أماكن إقامته فقال:
“قال ابن سعد في الطبقة الرابعة: ابن لخم وهو مالك بن عدي بن الحارث بن مرة بن يشخب بن عريب تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم وفد على النبي (ص)ومعه أخوة نعيم بن أوس وعدة من الداريين
وقال أيضا في الطبقة: تميم بن أوس الداري بطن من لخم ويكنى أبا رقية لم يزل بالمدينة حتى تحول إلى الشام بعد ما قتل عثمان
وذكر البيهقي وغيره من طريق يعقوب بن سفيان: أخبرني أبو محمد الرملي قال: لم يكن لتميم ذكرا إنما كانت له ابنة تسمى رقية يكنى بها
وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخ الغرباء: تميم بن أوس الداري كان ينزل دمشق يقال قدم إلى مصر حدث عنه من أهل مصر علي بن رباح بحديث واحد
وقال في (تاريخ مصر) : تميم بن أوس الداري يكنى أبا رقية قدم مصر وقيل إن قدومه كان لغزو البحر روى عنه من أهل مصر: علي بن رباح وموسى بن نصير
ثم ذكر من طريق ابن وهب أخبرنا ابن لهيعة بن موسى بن علي بن رباح عن أبيه أن تميما الداري قال: أتيت النبي (ص)فحييته تحية أهل الجاهلية فقال: إنما تحيتنا السلام
وقال أبو عبد الله بن منده: تميم بن أوس روى عن النبي (ص)حديث الجساسة نزل فلسطين وأقطعه (ص)بها أرضا
وخرج الطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم في معرفة الصحابة وابن عساكر في تاريخ دمشق على ما نقلته من طريق سعيد بن زياد بن فائد بن زياد بن أبي هند الداري عن أبي عن جده عن أبي هند الداري قال: قدمنا على رسول الله (ص)بمكة ونحن ستة نفر تميم بن أوس ونعيم بن أوس أخوه ويزيد بن قيس وأبو هند بن عبد الله وأخوه الطيب بن عبد الله فسماه رسول الله (ص)عبد الرحمن وفاكه بن النعمان فأسلمنا وسألنا رسول الله (ص)أن يقطعنا من أرض الشام فقال رسول الله (ص)سلوا حيث شئتم فقال تميم أرى أن نسأله بيت المقدس وكورها فقال أبو هند وكذلك يكون فيها ملك العرب وأخاف أن لا يتم لنا هذا فقال تميم فنسأله بيت حبرين وكورتها فقال أبو هند هذا أكبر وأكبر فقال فأين فقال أرى أن نسأله القرى التي يقع فيها حصن تل مع آثار إبراهيم فقال تميم أصبت ووفقت قال فقال رسول الله (ص)تميم أتحب أن تخبرني ما كنتم فيه أو أخبرك فقال تميم بل تخبرنا يا رسول الله نزداد إيمانا فقال رسول الله (ص)أردتم أمرا وأراد هذا غيره ونعم الرأي رأى قال فدعا رسول (ص)بقطعة جلد من أدم فكتب لنا فيها كتابا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم هذا ذكر ما وهب محمد رسول الله للداريين إذ أعطاه الله الأرض وهب لهم بين عين حبرون وبيت إبراهيم بمن فيهن لهم أبدا شهد عباس بن عبد المطلب وجهم بن قيس وشرحبيل بن حسنة وكتب قال ثم دخل بالكتاب إلى منزله فعالج في زاوية الرقعة وعساه شيء لا يعرف وعقده من خارج الرقعة بسير عقدين وخرج إلينا به مطويا وهو يقول ” إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ثم قال: انصرفوا حتى تسمعوا بي قد هاجرت قال أبو هند: فانصرفنا فلما هاجر رسول الله (ص)إلى المدينة قدمنا عليه فسألناه أن يجدد لنا كتابا فكتب لنا كتابا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أنطى محمد رسول الله (ص)تميما الداري وأصحابه إني أنطيتكم عين وحبرون والبرطوم وبيت إبراهيم بدمنهم وجميع ما فيهم نطية بتة ونفذت وسلمت ذلك لهم ولأعقابهم من بعدهم أبد الأبد فمن آذاهم فيها أذله الله شهد أبو بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وكتب ”
فلما قبض رسول الله (ص)وولي أبو بكر وجه الجنود إلى الشام فكتب لنا كتابا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر الصديق إلى أبي عبيدة بن الجراح سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد امنع من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من الفساد في قرى الداريين وإن كان أهلها قد جلوا عنها وأراد الداريون أن يزرعوها فليزرعوها فإذا رجع أهلها إليها فهي لهم وأحق بهم والسلام عليك”
وهذه الروايات انتقد المقريزى تناقضاتها فقال:
“هذه سياقة ابن عساكر وهو حديث منكر لأن قوله وقع مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة لا يعرف في شيء من الآثار وقدوم تميم على النبي (ص)بلا خلاف كان بالمدينة والأكثر أنه كان في سنة تسع وقيل سنة ثمان ومع هذه النكرة فإن سنده ضعيف
وقد ذكر سعيد بن زياد المذكور أبو حاتم بن حبان وقال: حديثه باطل ولا أدري البلاء منه أو من أبيه أو جده وقال أبو الفتح الأزدي في الضعفاء: سعيد بن زياد متروك ”
وترك المقريزى التناقضات فى أسماء القرى ومساحتها وهى
“وهب لهم بين عين حبرون وبيت إبراهيم بمن فيهن لهم أبدا”
” إني أنطيتكم عين وحبرون والبرطوم وبيت إبراهيم بدمنهم وجميع ما فيهم” فهنا زاد البركوم وجعل عين وحبرون اثنين بدلا من واحد فى القول الأول
كما ترك التناقض فى أسماء الشهود على الكتاب فمرة “شهد أبو بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان”ومرة ذكر غيرهم وهم ” عباس بن عبد المطلب وجهم بن قيس وشرحبيل بن حسنة”
قم تناول المقريزى روايات أخرى تتناقض مع ما سبق قذكر بعض التناقضات فقال”
“وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: قال عكرمة: لما أسلم تميم الداري قال: يا رسول الله إن الله مظهرك على الأرض كلها فهب لي قريتي من بيت لحم قال: هي لك وكتب له بها فلما استخلف عمر وظهر على الشام جاء تميم الداري بكتاب النبي (ص) فقال عمر: أنا شاهد ذلك فأعطاها إياه
قال كاتبه: وفي هذا الخبر مع إرساله انقطاع لأن ابن جريح لم يسمع من عكرمة وقد خالف في تسمية الأرض وبيت لحم في القدس لا في بلد الخليل ويمكن أن يقال لعل بلد الخليل كان من جملة كورة بيت لحم ويؤيده قوله قريتي من بيت لحم أي كورة بيت لحم قال أبو عبيد: وحدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد أن عمر أمضى ذلك لتميم وقال ليس لك أن تبيع قال فهي في أيدي أهل بيته إلى اليوم قال: وحدثني سعيد بن عفير عن ضمرة بن ربيعة عن سماعة أن تميم الداري سال رسول الله (ص)أن يقطعه قريات بالشام عينون وقلاية والموضع الذي فيه قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب صلى الله عليهم قال وكان بها ركحة ووطيئة قال فأعجب ذلك رسول الله (ص)فقال إذا صليت فسلني ذلك ففعل فأقطعهن إياهن بما فيهن ولما كان زمن عمر وفتح الله الشام أمضى له ذلك قال أبو عبيد: الركح: الناحية والجمع أركاح وأهل المدينة إذا اشتروا الدار قالوا بجميع أركاحها قال مؤلفه: هذا السند معضل والسند الأول مرسل ومعضل لكن يستفاد منه صحة أصل هذه القصة عن الليث بن سعد رحمه الله وشهادته بأن ذلك لم يزل في أيدي آل تميم فإن ذلك يقتضي أن عصر الصحابة من لدن عمر ثم عصر التابعين ثم عصر من بعدهم مضى على ذلك من غير إنكار
وخرج ابن عساكر من طريق حميد بن زنجويه في كتاب الأموال قال:
حدثنا الهيثم بن عدي قال: أنبأني يونس عن الزهري وثور بن يزيد عن راشد بن سعد قالا: قام تميم الداري وهو تميم بن أوس رجل من لخم , فقال: يا رسول الله إن لي جيرة من الروم بفلسطين لهم قرية يقال لها حبرى وأخرى يقال لها بيت عينون فإن الله فتح عليك الشام فهبهما لي , فقال: هما لك قال: فاكتب لي بذلك كتابا , فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لتميم بن أوس الداري , أن له قرية حبرى وبيت عينون قريتها كلها سهلها وجبلها وماءها وحرثها وأنباطها وبقرها , ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يلجه عليهم أحد بظلم فمن ظلمهم أو أخذ من أحد منهم شيئا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وكتب علي فلما ولي أبو بكر كتب لهم كتابا نسخته: هذا كتاب من أبي بكر أمين رسول الله (ص)الذي استخلف في الأرض بعده كتب للداريين أن لا يفسد عليهم مأثرتهم قرية حبرا وبيت عينون , فمن كان يسمع ويطيع فلا يفسد منها شيئا وليقم عمرو بن العاص عليهما فليمنعهما من المفسدين”
وقد حاول المقريزى أن يوفق بين الأخبار المتناقضة فقال :
“فهذا الكتاب من أبي بكر هو وجه قوله في الخبر الماضي أعطاه ذلك أي أمضاه وأما تنجيز العطاء فإنما وقع في عهد عمر كما مضى في الخبر الأول لأن فتح فلسطين وما حولها لم يفتح إلا في خلافة عمر وإلى الدعاء الذي في الأثر يشير ما أخرجه أبو عبيد البكري في كتاب معجم ما استعجم: أن سليمان بن عبد الملك بن مروان أحد خلائف بني أمية كان إذا مر بطريق تميم يعرج عنها ويقول أخاف أن تصيبني دعوة رسول الله صلى الله عليه وجاء الدعاء المذكور من طريق أخرى حسنة المخرج
قال ابن سعد في كتاب الطبقات حدثنا إسماعيل بن عبد الله هو ابن أبي أويس قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم التميمي مولى ابن جدعان عن أبيه عن جده: أن كتاب رسول الله (ص)لتميم الداري: هذا كتاب محمد رسول الله لتميم بن أوس أن عينون قريتها كلها وسهلها وجبلها وماءها وحرثها وكرومها وأنباطها وثمرها له ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يدخله عليهم بظلم فمن أراد ظلمهم أو أخذه منهم فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
وقال ابن سعد أيضا: وكتب رسول الله (ص)لنعيم بن أوس أخي تميم الداري أن له حبرى وعينون بالشأم قريتها كلها سهلها وجبلها وماءها وحرثها وأنباطها وبقرها ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يلجه عليهم بظلم ومن ظلمهم وأخذ منهم شيئا فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وكتب علي ذكره من طريق الهيثم بن عدي أخبرنا دلهمة بن صالح وأبو بكر الهذلي عن عبد الله بن بريدة الخصيب وحدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان والزهري وحدثنا الحسن بن عمارة عن فراس وأخرجه الحافظ أبو علي بن السكن وأبو حفص بن شاهين في كتابيهما في الصحابة في ترجمة تميم الداري من طريق إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم ورجاله موثون وإسماعيل بن أبي أويس من شيوخ صاحبي الصحيح وإسماعيل بن عبد الله ثقة مشهور وأبوه وثقه أحمد بن صالح المصري وذكره ابن حبان في الثقات وهي تابعي صغير وكأنه وقف على الكتاب المذكور فحكاه وهو يقوي ما تقدم ويعضده
وخرج الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني من حديث أحمد بن ما بهرام الإيذجي حدثنا علي بن الحسين الدرهمي حدثنا الفضل بن العلاء عن الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن تميم الداري قال: استقطعت رسول الله (ص) أرضا بالشام قبل أن تفتح فأعطانيها ففتحها عمر في زمانه فأتيته فقلت: إن رسول الله (ص)أعطاني أرضا من كذا إلى كذا فجعل عمر ثلثها لابن السبيل وثلثا لعمارتها وثلثا لنا ”
ثم انتقد المقريزى بعض الروايات مبينا ضعفها فقال:
“هكذا أخرجه الطبراني في معجمه الكبير وأورده الحافظ ضياء الدين المقدسي في كتاب الأحاديث المختارة مما لم يخرج في الصحيحين ورجاله أخرج لهم مسلم بن أشعث فصاعدا إلا أن في أشعث بن سوار مقالا وابن سيرين لم يسمع من تميم الداري فإن مولد محمد بن سيرين لسنتين بقيتا من خلافة عثمان وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وتميم الداري مات سنة أربعين ويقال قبلها وكان ابن سيرين مع أبويه بالمدينة ثم خرجوا إلى البصرة فكان إذ ذاك صغيرا وتميم مع ذلك كان بالمدينة ثم سكن الشام وكان انتقاله إلى الشام يوم قتل عثمان فهذه علة خفية تقتضي القدح في صحة هذا الحديث لوجود انقطاع في سنده ولم يبين اسم الأرض المذكور في هذه الطريق وجاء بيانها فيما أخرجه أبو عبيد وغيره كما تقدم ”

******************************************************

حكم الاستمطار الصناعى
عرفه البعض فقال:
“الإستمطارُ هو نوع من تعديل الطقس المتعمد، أو هو محاولة لتغيير كمية أو نوع هطول الأمطار من الغيوم من خلال تشتيت مواد في الهواء التي تعمل كمكثفة للغيوم أو كنواة جليدية، والذي يغير العمليات الميكروفيزيائية للغيمة”
وعرفه اخر فقال :
“أما مفهوم الاستمطار: فهو محاولة إسقاط الأمطار من السحب الموجودة في السماء، سواء ما كان منها مدراً للأمطار بشكل طبيعي، أم لم يكن كذلك.
ويمكن أن ندرج تحت هذا المفهوم أية عملية تهدف إلى إسقاط الأمطار بشكل صناعي، بما في ذلك محاولات تشكيل السحب صناعياً، وتنمية مكوناتها”
وهذه التعاريف وغيرها تعاريف تصف عمليات فاشلة الغرض منها سرقة أموال الشعوب أو تلويث مناطق ما لغرض معين قد يكون منع دخول الناس لها للحصول على ثروات المنطقة
وقيل أن أهداف الاستمطار على حد قول البعض:
“ويقصد من الاستمطار أحد أمرين:
1- تسريع هطول الأمطار من سحب معينة، فوق مناطق بحاجة إليها، بدلاً من ذهابها إلى مناطق لا حاجة بها إلى الماء، لظروفها الطبيعية الملائمة للإدرار الطبيعي.
2- زيادة إدرار السحابة عما يمكن أن تدره بشكل طبيعي”
وهى أهداف محرمة فلا يمكن تسريع هطول المطر كما لا يمكن زيادة الكميات الهاطلة منه عما قدره الله فهى أمور تفوق علم البشر وإمكانياتهم
وقيل عن طرق الاستمطار أنها علمية ولكنها باب من ابواب الجهل وفى هذا قال البعض :
“وأما الطرق العلمية للاستمطار:
فمن أكثر طرق استمطار السحب شيوعاً ما يلي:
1 – رش السحب الركامية المحملة ببخار الماء الكثيف، بواسطة الطائرات، برذاذ الماء ؛ ليعمل على زيادة تشبع الهواء، وسرعة تكثف بخار الماء، لإسقاط المطر، وهذه طريقة تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء.
2 – قذف بلورات من الثلج الجاف (ثاني أكسيد الكربون المتجمد)، بواسطة الطائرات في منطقة فوق السحب؛ لتؤدي إلى خفض درجة حرارة الهواء، وتكون بلورات من الجليد عند درجة حرارة منخفضة جداً، لتعمل على التحام قطرات الماء الموجودة في السحب وسقوطها كما في حالة المطر الطبيعي.
3 – رش مسحوق إيود الفضة (agj) بواسطة الطائرات، أو قذفه في تيرات هوائية صاعدة لمناطق وجود السحب، ويكون ذلك باستخدام أجهزة خاصة لنفث الهواء بقوة كافية إلى أعلى، ويعد إيود الفضة من أجود نويات التكاثف الصلبة التي تعمل على تجميع جزيئات الماء، وإسقاطها أمطاراً غزيرة على الأرض”
والغريب أن يبيح أحدهم عملية الاستمطار باسم الإسلام فيقول :
“الحكم الشرعي للاستمطار:
يعتبر الاستمطار بالمفهوم المتقدم من القضايا المستجدة في هذا العصر، الذي استطاع فيه الإنسان -بما سخر الله له- أن يصل إلى السحب في السماء، ويطير فوقها، ويبحث في مكوناتها، مما جعله يفكر في مثل هذا التصرف، لعله يستطيع أن يتصرف تصرفاً لم يسبق إليه، يدفعه لذلك الحرص على نفع نفسه، بما وهبه الله من مقدرات ومما أعطاه من هبات.
والحقيقة أن مثل هذا العمل لا يظهر فيه محذور أو مانع شرعي، إذ الأصل أن كل ما في هذا الكون من مسخرات مباحة للإنسان، فهي تحت تصرفه، يفعل بها ما يشاء، ما دام أن عمله داخل تحت دائرة المباح، الذي لم يرد النص أو الدليل العام أو الخاص بالمنع منه، ويشهد لذلك قول الله سبحانه وتعالى: “هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً” [البقرة:29]، وقوله سبحانه: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ” [الأنعام:165]. ”
الاستمطار هو عملية خيالية لا حقيقة علمية بدليل فشل كل عمليات الاستمطار وكما قلنا فالغرض إما الحصول على أموال المغفلين أو مشاركة اللصوص الحصول على أموال الشعوب بطريقة يبدو أنها مشروعة أو اخفاء غرض أخر وهو تلويث منطقة ما أو إدعاء تلوثها للقيام بعمليات غير شرعية فيها بهدف الحصول على ثرواتها
ادعى من أباح الاستمطار أنه داخل تحته قوله تعالى “هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً”
والمطر ليس من الأرض حتى يدخل ضمن ما فى الأرض وإنما هو يوجد فى المنطقة البينية بين السماء والأرض كما قال تعالى :
” والسحاب المسخر بين السماء والأرض”
كما أن المتحكم فى المطر هو الله فهو يصرفه أى يمنعه عمن يريد وبنزله على من يريد كما قال :
“ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء”
وقال :
“وبنزل الغيث”
وقبل إنهاء المقال ينبغى تناول مسألة الاستسقاء فهى ليست كما يظن ويعتقد الكثيرون دعاء لنزول المطر ولكنه دعاء لطلب الماء والاستجابة قد تكون بتفجير العيون من الحجر وهو الجبل فى سقيا بنى إسرائيل كما قال تعالى :
“وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم”
ونلاحظ هنا أن الاستسقاء ليس طلب جماعى من الله لأن القوم وهم بنو إسرائيل طلبوا من موسى(ص) السقيا فطلب هو وحده من الله كما قال تعالى :
“وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم”
ومن ثم فالاستسقاء وهو طلب الماء من الله أمر فردى ولكنه لا يعنى ألا يفكر الناس فى كيفية الحصول على الماء وهو السقيا فهناك حفر الآبار وهناك تحلية ماء البحر وهناك الهجرة لمكان فيه ماء أو مد الترع من الأنهار أو مد مواسير المياه
البقاء فى المناطق التى ليس بها مياه للشرب هو عناد لله تعالى فعندما يريد الله منعه بكل الطرق مثل تغوير الماء أى جعله بعيدا فى أعماق الأرض بحيث لا يصل الناس له سيمنعه وفى هذا قال تعالى على لسان صاحب صاحب الجنتين :
“ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل مالا وولدا فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا”
وطلب الله من رسوله (ص) أن يقول للناس:
“قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين”
الطريقة المضمونة لوجود الماء هى كما قال نوح(ص) لقومه :
“فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا”
وهو نفسه ما قاله هود(ص) لعاد :
“ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ”
الطريقة هى طاعة أحكام الله

عن رضا البطاوى

شاهد أيضاً

نيران التلفزيون وتحولات السياسة الأميركية

كان حدثاً مشهوداً وتجربة غير مسبوقة، بكل المعاني، في تاريخ الممارسة الديمقراطية بالولايات المتحدة. هو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *