اللوحة الأولى
(( في حديقة البيت العامرة بالورود والخضرة يقف ( التاجر البخيل ) وهو
يرتدي جبة مليئة بالجيوب المنفوخة .. وهو حائر بين بناته الثلاثة ..
وهن ثلاث فتيات بوجه واحد .. الأولى والثالثة دمى كبيرة تشبه الثانية
التي تحتضن كتاباً .. وتضع نظارات طبية على عينها إنها ( نور ) تلك
الفتاة الطيبة .. التاجر ينتقل مع الموسيقى بين الفتيات الثلاث .. ثم
يبتعد.. يدخل ( المهرج) بحركات بهلوانية يصل عند التاجر ))
التاجر : أين كنت ؟
المهرج : خرجت أبحث عن حل .. يرضيك .. ويحميني
( يغني )
فـي الليل وفي النهار
أبحث عن حل قد طار
التاجر : ( يغني )
أتعبني التفكــــــير كثيراً
بالثروة منذ كنت صغيراً
لمن أعطيها ؟
من .. يحميها ؟
المهرج : الثروة تحتاج لأفواه تقضي عليها
التاجر : من ؟ بناتي الثلاثة ..
المهرج : بل … الفقراء ….
التاجر : وهل أنادي الذي تسبب في فقرهم
المهرج : المال نعمة الله …. ويمكن أن تعطي
القليل من مالك الكثير … فذاك حسنة ..
التاجر : ( يضربه بالعصا ) أنا أبحث عن طريقة لزواج بناتي ..
المهرج : لا أسهل من الزواج .. فكثيرون يتمنون قربك ..
التاجر : نعم ولكن بشرط ..
المهرج : أشرط ..
التاجر : أن لايكلفني ذلك من ثروتي شيئاً .
المهرج : رجعنا إلى الثروة .. ياعم .. ربما الزواج سيزيد من الثروة
التاجر : الكل يطمع بأموالي .. حتى أنت …
المهرج : أنا لا أعتبر الأموال إلا وسيلة بسيطة لدوام العيش
التاجر : دوام العيش ؟
المهرج : نعم الثروة تغلق الفم عن الجوع .. تلبسك ما تحتاج من
الثياب تسكنك في بيت يكفي الحاجة .. وما زاد عن ذلك ..
ما حاجتك به .
التاجر : الناس لا تنظر ما في العقل .. بل يغريها ما في الجيب
المهرج : ومن الذي أخذ الثروة بعد موته
التاجر : ( يطارده ) تتمنى لي الموت .
المهرج : هذا الحق .. ففكر في الدنيا بالناس .. هم الثروة
التاجر : يكفيني من أفكارك
المهرج : البخل خراب النفوس
التاجر : اسكت
المهرج : حب النفس يعزلك عن الناس ..
التاجر : قلت كفى ..
المهرج : أن تغلق بابك بوجه محتاج .. فتلك خطيئة
التاجر : أنت معي أم ضدي
المهرج : أنت ضد نفسك ..
التاجر : سأخلع أسنانك وأقطع لسانك ..
المهرج : عندها تتحمل أخطائي في الكلام ..عندها ستتشقلب الحروف..
وتتبعثر الكلمات .. ولا تفهم مني سوى الحركات
( يؤدي بعض الحركات والكلمات وكأنه فقد أسنانه ولسنانه )
التاجر : اخرس .. وإلا
المهرج : وإلا ماذا ؟ لاتستطيع الركض ورائي .. فأنا أركب مكنسة
الريح وأمضي بها بعيداً .. ( يركب مكنسة قريبة .. ويغني : )
سأمضي .. سأمضي
لأقصى .. ..الأرض
بجــناح الريح
أطير وأصيح ؟
بالكلـــــمة الحلوة ؟
تتســـــــــع الأرض
سأمضي .. سأمضي
لأقصــــى .. الأرض
(( يخرج التاجر من المسرح مسرعاً ويتقدم المهرج ليؤدي الأغنية
ورقصة مع نور ))
المهرج ونور :
لأرض يطفــح فيها النور
لبيت لا يعزله الســـــور
لا بخــــل فيه ولا تجويع
لا ظلــــــم فيه ولا تركيع
فيه عيش يكفي ويرضـي
سأمضي .. سأمضي
لأقصى .. الأرض
( يدخل التاجر مسرعاً يصرخ وبيده القوس والسهام )
التاجر : وجدتها .. وجدتها
المهرج : ماهي
التاجر : الفكرة
المهرج : ايه الفكرة
التاجر : فكرة زواج البنات .. لا تصرف فيها الثروات
(( يشير بالقوس والسهم الذي بيده )) بهذا ؟
(( المهرج يستدير خائفاً ومعه نور وكذلك الدميتين يقترب التاجر من الأربعة ويشرح طريقته ))
التاجر : لتحقيق العدل .. وأن يتم التقسيم بالتساوي في توزيع الحظ
بهذا القوس وهذا السهم .. نرمي في كل الاتجاهات وحين يقع
السهم في مكان .. يكون صاحب المكان زوجاً لواحدة من
البنات
المهرج : أنت بهذا .. توزع أبوتك في الهواء
التاجر : لا حل عندي إلا هذا .. فهل أنتن موافقات
المهرج : لا
التاجر : وما دخلك أنت ..
(( يركض وراءه بالسهم والقوس والمهرج يهرب ))
المهرج : لا .. لا .. أنا لا أخاف من سهمك وقوسك
التاجر : (( يقترب للفتيات )) ها .. ما قولكن ..
(( الفتيات يؤشرن بالإيجاب برؤوسهن ))
التاجر : حسن .. تعال أنت أيها المجنون ..
(( يؤشر للمهرج ))
المهرج : (( يقترب منه خائفاً )) نعم ..
التاجر : مابك ترتجف .. خذ و امسك
(( يعطيه القوس والسهم )) والآن نبدأ بالرمية الأولى ..
وبنتنا الأولى
(( التاجر يغلق عيون المهرج بقطعة قماش أسود ثم يبدأ بدور أنه حول نفسه .. يتوقف المهرج .. يبتعد التاجر )) أطلق
(( المهرج يطلق السهم خارج المسرح ، التاجر يركض باتجاه السهم ثم يرفع المهرج غطاء العيون ويتجه عند التاجر))
المهرج : ها .. أين ؟
التاجر : في أرض خالية لا بشر فيها
المهرج : وتتزوج من حبات الرمل ..
(( يضحك بصوت عالي ))
التاجر : اسكت أنت وعد إلى عملك ..
(( مع نفسه )) ستبقى عندي إلى أن يأتي من يتزوجها ..
واخيبتي
(( المهرج يغطي عيونه بعد عودته لمكانه ويدور مع الموسيقى ..
ثم يصيح ))
المهرج : ها .. أطلق ؟
التاجر : أطلق ..
(( يطلق المهرج السهم خارج المسرح ويذهب إليه مسرعاً ..
وهو يصرخ ))
المهرج : مفاجأة .. مفاجأة .. مفاجأة تأخذ العقل
التاجر : (( فرحاً )) ها .. هل سقط في قصر
المهرج : لا ..
التاجر : في بيت
المهرج : لا ..
التاجر : أين إذا ؟
المهرج : في زربية حيوانات .. وعليك أن تختار لها خروفاً أو كبشاً
أو ثوراً .. لتتزوج
التاجر : اسكت .. هذه بنتي الثانية ستبقى أيضاً ..
المهرج : كل من يزرع الباطل .. لا يحصد إلا الباطل
التاجر : هيا .. أسرع .. أطلق السهم الثالث
المهرج : نور .. هذا سهم نور ..
(( يغلق عينيه ويدور .. ثم يبدأ التاجر بدورانه بسرعة .. أقوى .. يتوقف
بمواجهة الجمهور .. بالتأكيد سيكون هناك فزع .. ومشاركة في الصالة
فيغني نازلاً للصالة .. ))
(( أغنية ))
السهم الثالث انطلق
فيك المعنى يفتـرق
(( في الصالة يطلق المهرج السهم الثالث فيتجه إلى مكان بعيد .. يركض
صاعداً المسرح بينما يصرخ التاجر ))
التاجر : في مزرعة .. في مزرعة ..
يا فرحتي .. يا فرحتي
المهرج : مزرعة ..
التاجر : لمن هذه المزرعة …؟
المهرج : وما يهمك أنت .. المهم أن .. تذهب نور للزواج
التاجر : وما رأيك يانور يا ابنتي ..؟
نور : ( تخرج من مجال الدميتين الكبيرتين ) ما تأمرني به ..
يتوجب علي فيه الطاعة .. فأنت أبي ..
المهرج : كيف ترضين .. وأنت لاتعرفين إلى أين أنت ذاهبة ومن فيها
التاجر : اسكت أنت .. ومن سيكون فيها .. وحش
المهرج : ربما يكون أكثر من وحش ..
التاجر : يبدو أنك تريدها أن تعصاني
نور : كلا يا ابنتي .. بل أنه يخاف علي
التاجر : وهل سيخاف عليك أكثر مني ..
المهرج : طبعاً .. وإلا كيف توافق على مثل هذه اللعبة المجنونة ..
التاجر : إنها سهام الحظ ..
نور : وحظي أن أكون في مزرعة .. أنا موافقة
التاجر : حسن سأهيئ لك كل شيء تحتاجينه في رحلتك .. يا فرحتي
يا فرحتي .. ( يسحب الدميتين الكبيرتين معه )
هيا معي .. لا أدري ما أفعل للخلاص من هذه الأثقال .. هيا ..
المهرج : ( يبكي ) آه ..آه .. ويلي
نور : ولم البكاء يا صديقي ؟
المهرج : إني أخاف عليك من مصير مجهول
نور : ربما يكون مصير طيب ..
المهرج : كيف ونحن لا نعرف عنه شيء ..
نور : عليك أن تتفائل دائماً حتى في أسوء الظروف ..
المهرج : (( يبكي )) ولكن سأرافقك للاطمئنان عليك
نور : ولم لا ..
المهرج : كيف وافقني على مثل هذا الحل المجنون
نور : المزرعة .. هي التي دفعتني للموافقة .. فمادام هناك زرع
معناها هناك انسان يعمل .. ومادام هناك انسان يعمل فمعنى
هذا أنه يفكر بحياة أفضل .. والحياة الأفضل لا يصنعها
الانسان لوحده .. فهو يحتاج إلى من يساعده .. وأنا أحب
مساعدة الآخرين .. لأني أحب الحياة .. وأتمنى أن أخرج من
الرتابة والملل .. إلى درة الحياة .. إلى العمل .. إلى العمل
المهرج و نور : (( يغنيان في بقعتين ضوئيتين ويتغير الديكور إلى
مزرعة))
إلى العمل .. إلى العمل
هو الحياة .. هو الأمل
هو النجاة من الملل
هو العقول تندفع
هو القلوب تجتمع
هو الأكف ترتفع
لتكسر صخرة الكسل
إلى العمل .. إلى العمل
(( إظلام ))
اللوحة الثانية
(( في المزرعة حيث توجد بوابة كوخ مصنوع من خشب الأشجار.. وتتوزع شجيرات صغيرة هنا وهناك وسط المسرح .. هناك بئر لم يكتمل حفره وبناءه .. نجد الحمار ( حمران ) يحمل التراب بوعاء من الأغصان الصغيرة .. مع صوت الموسيقى .. يذهب (حمران ) ويرجع حيث يقف عند البئر وهو مرتبك ))
حمران : ماذا تريد مني .. قل لي ماذا تريد ؟ ها ها ها
(( يدخل الغراب ( أبو الغرايب ) متأنقاً يحمل عصا زينه بيده ويمشي على أطراف أصابعه (( ويغني ))
الغراب :
أنا الغراب أبو الغرايب
في رأسي صندوق عجائب
من صاحبني فليس بخائب
ومن يكرهني طبعاً عائب
أنا الغراب أبو الغرايب
أبو الغرايب : لماذا تنزعج حين تراني ؟
حمران : لأنك تطاردني منذ زمن .. ولا تريد أن تقول لي ماذا تريد
مني ..ها
أبو الغرايب : اني أعاني الوحدة (( يذهب إلى باب الكوخ )) وبحاجة إلى
صديق (( يبكي )) فكل أصدقائي غادروني
حمران : ها .. طبعاً يهربون منك لأنك تجلب لهم الشؤم
أبو الغرايب : لا .. ياحمران ياعزيزي .. أنا حين أمد يدي لمساعدة أحد ..
يعيش سعيداً طول حياته .. ومع هذا ينكرون فضلي عليهم
حمران : طيب وكيف تأتي السعادة ؟ ها ها ها
أبو الغرايب : أنا أعمل بعقلي .. وأعلم غيري ذلك
حمران : كيف ؟ ها ها
أبو الغرايب : (( يخفت صوته )) خذ أنت مثلاً ..
حمران : ( بغباء) ماذا أأخذ ..(( بصوت أعلى)) ها ..ها .. ماذا ؟
أبو الغرايب : (( يفلق فمه )) لاترفع صوتك
حمران : وأنت لماذا تخفض صوتك .. ها
أبو الغرايب : أصول العمل أيها الـــ …..
حمران : ها .. قل ماذا تريد …
أبو الغرايب : حين تحفر الأرض هذه .. فهل هي أرضك
حمران : لا .. وإنما لصديقي كامل
أبو الغرايب : تسميه صديقك ..وهو يتبعك في العمل .. وتشتغل طول
الوقت تحت حرارة الشمس المحرقة .. وهو ينام تحت سقف
البيت أو الشجرة هل هذا عدل …
حمران : نعم فهو يطعمني ويسقيني .. و ..
أبو الغرايب : هذه الأشياء تحصل عليها في أي مكان ..
حمران : ولكن الأرض هنا مثمرة .. وفيها ينابيع للماء كثيرة ..
أبو الغرايب : ومن يحفر تلك الآبار ..
حمران : أنا طبعاً .. وكامل ..
أبو الغرايب : المهم أنت تتعب تعباً مضاعفاً .. وهو يرقد ويأكل مضاعفاً..
فكر في نفسك .. فكر في صحتك .. أنت قادر على عمل كل
شيء .. فلماذا تضيع جهدك في خدمة غيرك .. له الأرض
و لك التعب .. له الماء و لك العطش ..
حمران : وما الحل .. ها
أبو الغرايب : أنا لا مصلحة لي معك .. الا أن تتعلم مني .. وتتخلص من
طغيان كامل ..
حمران : ماذا ..هل تريد أن أرفسه بحافري النشيط هذا .. هكذا ..
(( يرفس برجله أبو الغرايب الذي يتدحرج بعيداً ))
أبو الغرايب : أخ .. أخ
حمران : (( يرفع أبو الغرايب من الأرض )) أم تريدني أن أنطحه
برأسي هكذا ..( ينطح أبو الغرايب فيقسط أرضاً )
أبو الغرايب : كفى
حمران : أو أستطيع أن أخنقه هكذا
(( يخنق أبو الغرايب ))
أبو الغرايب : آه .. نفسي ..
حمران : حتى أني أستطيع أن أرفعه هكذا (( يرفع أبو الغرايب ))
وأرميه على الأرض (( يسقط أبو الغرايب أرضاً ))
أبو الغرايب : الحقوني ..
حمران : ها أية طريقة تريد ..
أبو الغرايب : نتفق فيما بعد .. ليس الآن .. ليس الآن ( يتألم ) أخ .. ظهري
رأسي .. رقبتي ..
حمران : ما بك ؟ .. كل ما فعلته هو أن ترى ما سأفعله بكامل
..هذا مثلاً .. مثلاً هل تريد أن ترى .. الحقيقي
أبو الغرايب : لا .. لا .. سنلقتي فيما بعد لنقرر ماسنفعل ..
(( نسمع صوت نور من الخارج ))
نور : تعال .. لم أنت خائف ..
المهرج : ( من الخارج ) المكان موحش .. ولا أحد فيه
أبو الغرايب : من هؤلاء ..
حمران : لا أدري
أبو الغريب : هل هم أهم كامل .
.
حمران : كامل يعيش لوحده ..
أبو الغرايب : إذا كانوا أغراب فأبعدهم .. لأنهم سيفسدون خطتنا .. أنا
ذاهب (( يخرج مسرعاً ))
حمران : لابد أن أراقبهم ماذا يريدون .. ( يختبئ )
(( تدخل نور ومعها المهرج .. يحمل عصا .. وصرة ملابس ))
المهرج : هذه هي المزرعة .. (( يرتجف ))
نور : ولم ترتجف ؟
المهرج : من البرد .. من البرد
نور : بل من الخوف .. هيا وتشجع .. علينا أن نتعرف على صاحب
المزرعة ..
المهرج : يبدو أنها فارغة أيضاً .. علينا أن نرجع ( يحاول الهرب )
نور : توقف .. مابك ؟
المهرج : لاشيء .. ( يقترب من باب الكوخ ويصيح بصوت خافت ) يا ..
يا.. (يختفي صوته )
نور: لم اختفى صوتك ..؟
المهرج : من البرد .. ( يجلس على الأرض ) قدماي لا تساعداني على
الوقوف
نور : أبقى أنت هنا .. وأنا سأبحث عن صاحب المزرعة ..
( تقترب من الباب ) هذا باب البيت ما أجمله .. (( تصيح ))
أين أنت يا .. ما اسمه
المهرج : من
نور : صاحب المزرعة
المهرج : ومن أين لي أن أعرفه .. قولي يا صاحب المزرعة
نور: ياصاحب المزرعة
(( يدخل الحمار ( حمران ) قريباً من المهرج ))
حمران : نعم …
المهرج : ( يفزع ) آه .. آه ..
حمران : نعم ..
المهرج : ( يفزع ) آه .. آه
( يذهب إلى نور )
نور : ( تضحك ) مابك .. هذا الحمار ..
حمران : أنا حمران صاحب المزرعة .. من أنتما ؟ ها ها
المهرج : (( يقف )) ها .. ( ثم يسقط على الأرض )
نور : (( تتعجب )) أنت صاحب المزرعة .
.
حمران : نعم .. أنا صاحب المزرعة .. ماذا تريدان ؟ ها ها
نور : (( تذهب إلى المهرج توقظه )) هيا .. هيا فلنسرع ..
انهض ..
((يظهر كامل وهو شاب وسيم يعمل فلاحاً ويحمل فأساً بيده
يصطدمان .. به))
نور والمهرج : وأنت من أيضاً
حمران : صاحب المزرعة
( يتوقف الجميع .. تتجه نور إلى كامل ..)
نور : أنت صاحب المزرعة
كامل : (( يوميء برأسه بالايجاب ))
المهرج : ولكن هذا الحمار ..
حمران : اسمي حمران ..
المهرج : هذا الحماران … يقول إنه هو صاحب المزرعة
( كامل يتجه إلى حمران ويمسك أذنه ويحاول ابعاده )
حمران : مابك ..ها .. ها .. لماذا تنظر إلي هكذا .. هذا جزاء تعبي
معك ..
كامل : ( يضع ابهامه على فمه ) أش
حمران : زيادة في تعبي تهينني .. أنا صبرت عليك كثيراً سوف
لن ترى وجهي بعد اليوم ..
(( يخرج ثم يعود )) أو أنت أنت وأنا وأنا
كامل : (( يضحك ))
(( المهرج يقترب من كامل ))
المهرج : باختصار ياسيد كامل ..
نور : (( تسحب المهرج )) ماذا ستقول له ؟
المهرج : ( يهمس ) عن قصة الزواج
نور : أي زواج …
المهرج : زواجك منه
نور : بل نحن أصدقاء .. جئنا لمساعدته والعيش معه في هذه
الأرض الطيبة
المهرج : فكرة حلوة .. نعم .. سيد كامل ..
نحن أصدقاء وجئنا لنتعاون معك في هذه الأرض الطيبة .
كامل : ( يهز رأسه بالايجاب )
المهرج : ( النور) منذ أتينا ونحن لم نسمع منه كلمة واحدة
نور : كامل .. لماذا لم ..
كامل : ( يؤشر لها بأنه لا يستطيع الكلام )
نور والمهرج : اخرس ..
(( موسيقى ))
اللوحة الثالثة
(( نفس المنظر السابق ، ولكن يضاف إليه بوابة لكوخ جديد ولسقفه حيث نجد نور والمهرج يدقان المسامير في آخر خشبة في البوابة ))
المهرج : (( ينهي دق مسمار )) وهذه آخر خشبة
نور : ( فرحة ) إذا علينا أن نجلب غيرها حتى يكمل بيتي ..
المهرج : طبعاً أنا سأكون حارساً وأنام تحت السقيفة ..
نور : (( تغني ))
بيتي الصغير ما أحلاه
بحنان القلب بنيناه
يكبر بالناس وبالطيبة
بدعاء الأم الحبيبة
بالروح يعلو ما أعلاه
بيتي الصغير ما أحلاه
المهرج : ان كامل طيب جداً
نور : خلق الله الانسان ليحب أخيه الانسان
المهرج : ومحبته اتضحت عندما وافق أن نبني لك هذا البيت
على أرضه
نور : أن نكون عند حسن ظنه .. وأن نساعده في زراعة
الأرض .. وبناء هذا البئر . . (( تقترب من البئر ))
المهرج : أنا لا أستطيع أن أنظر إلى عمق البئر .. أدوخ
نور : المهم هيا بنا نجلب الخشب . وبعد اتمام نساعده في حفر
وبناء البئر حتى نستطيع أن نسقي المزروعات
(( يخرجان ))
(( يدخل حمران يراقب أثرهما ثم يأتي ليقلع الخشب الموجود في بيت نور))
أبو الغرايب : (( يدخل )) ما الذي تفعله يا عزيزي حمران
حمران : (( بعصبية ومستمر بالعمل )) .. يبني لهم بيت ..
وأنا يتركني مربوطاً تحت شجرة
أبو الغرايب : ألم أقل لك .. (( يساعده في تحطيم البيت ))
هل عرفت الآن صديقك انه لايحترم من يعمل
ويخلص له ..
حمران : أنا فعلاً حمار.. وثقت به .
(( يرفع الأخشاب ويرميها في الخارج ))
أبو الغرايب : علينا أن نهدم هذا البيت ..
حمران : طبعاً ولا نبقي له أي أثر .. ونطرد البنت والرجل
أبو الغرايب : يجب أن نطردهم .. ان استفروا هنا سيصعب علينا تنفيذ
الخطة التي في رأسي ..
حمران : وما الذي في رأسك ..
(( يسحب البيت إلى الخارج ))
أبو الغرايب : اسمع مني (( يتفحص المكان )) بعد أن انتهينا من تهديم
البيت
حمران : نعم
أبو الغرايب : نهدم البئر هذا ..
حمران : (( ثائراً وناسياً )) كيف نهدمه وأنا تعبت في حفره
أبو الغرايب : اسمع مني .. مؤقتاً .. نغلق هذا البئر بالتراب ..
حتى لا يحصل كامل على الماء
حمران : الماء ..
أبو الغرايب : طبعاً الماء هو أهم شيء في الأرض .. منه تسقى
المزروعات .. وتشرب الحيوانات .. وكذلك كامل
ومن معه .. إذاَ الماء عصب الحياة .. وحين نقطع هذا
العصب .. ماذا يحصل ؟
حمران : ماذا يحصل ..
أبو الغرايب : تنتهي الحياة طبعاً
حمران : إذا انتهت الحياة .. معنى هذا نحن أيضاً لانستطيع العيش
في هذا المكان
أبو الغرايب : لا يا حمران يا عزيزي بل نطردهم من هنا .. وبعد أن
يرحل كامل وجماعته من هذه الأرض المثمرة الغنية بآبار
الماء .. نحكم سيطرتنا عليها .. وستكون تحت رحمتنا كل
المزارع الأخرى
حمران : عندها نسيطر على المزرعة ومصادر الماء (( يضحك ))
تصبح ملكنا أنا وأنت
أبو الغرايب : طبعاً .. طبعاً ..
حمران : من أين تأتي بهذه الأفكار
أبو الغرائب : من عقلي طبعاً
حمران : وأنا لماذا لا أفكر مثلك
أبو الغرائب : لأنك حمــ .. حمران ياعزيزي نحن علينا الآن الاختفاء
حمران : ولماذا نختفي ..
أبو الغرايب : ليس من المعقول أن نهدم البيت ونقف قربه
حمران : لا .. أريد أن يراني حتى يعرف أنني لا أريد أن يبقى
هؤلاء هنا (( ينظر إلى البعيد ))
أبو الغرائب : لقد جاءوا هيا بنا .. ( يتوقف ) .. اسمع نلتقي في الليل حتى
نهدم البئر ونغلقه
حمران : ولماذا في الليل ؟
أبو الغرائب : حتى لايرانا أحد ..
حمران : بعد أن هدمنا البيت .. اين ستنام البنت والمهرج
أبو الغرائب : تحت الشجرة مثلك
حمران : أية شجرة
أبو الغرائب : (( يسحبه )) تعال .. ما أكثر أسائلتك امشي ( يخرجان )
(( يدخل كامل مسرعاً وبيده لوح خشبي وقماش ملون يفاجأ بعدم وجود البيت يذهب داخلاً إلى بيته بسرعة ) )
(( نسمع صراخ المهرج في الخارج ))
المهرج : ماهذا ؟ أين البيت .. من هدم البيت
نور : ( تدخل بيدها لوح خشبي ) أمن المعقول أن يضيع البيت هكذا
المهرج : من تعتقدين السبب في ذلك ..
نور : ( تدخل بيدها لوح خشبي ) أمن المعقول أن يضيع البيت هكذا
المهرج : من تعتقدين السبب في ذلك ..
نور : ( تأتي قرب البئر ) انظر .. حتى البئر .. قد تغير ..
المهرج : ربما يكون البئر مسحوراً
نور : بئر مسحور .. لا أعتقد .. هيا اذهب وابحث عن كامل
المهرج : أخاف (( يرتجف )) .. نور .. دعينا نرجع إلى بيتنا ..
نور : لم تخاف
المهرج : هذه المزرعة مرعبة وهذا البئر يخفي أسراراً كثيرة دعينا
نرجع بيتنا ..
نور : لم تخاف
المهرج : هذه المزرعة مرعبة وهذا البئر يخفي أسراراً كثيرة دعينا
نذهب من هنا ..
نور : لاتخف .. وتشجع .. ثم علينا أن لا نغادر المكان قبل
أن لا نغادر المكان قبل أن نتكلم مع صاحب
المزرعة .. نستأذن منه
المهرج : ماذا تقولين له .. وهو لا يتكلم ..
نور : المهم أن نراه ..
(( يخرج كامل من الكوخ ينظر اليهما))
المهرج : (( هامسا يأخذ نور جانباً )) ..انظري هو موجود إذا ..
نور : وما معنى ذلك ..
المهرج : معناها أنه هو الذي هدم البيت ولا يردينا معه ..
نور: لا تظن بالناس سوءاً .. لا يصح ..
فهل فهمت
المهرج : كامل .. (( يشرح بيديه )) من .. هدم .. البيت ..
كامل : أنا الذي يجب أنا أسألكم هذا السؤال .. فلقد ذهبت لاحضار
( ينظر المهرج إلى نور التي تبادله نظرات التعجب )
المهرج : (( خائفاً )) ها .. هو .. يتكلم .. كذلك .. (( يترنح ))
نور : أمر عجيب .. ويصدع الرأس
المهرج : ألم أقل لك .. هذه المزرعة غريبة عجيبة
(( جالساً على الأرض ))
نور : (( تتقدم إلى كامل )) أنت إذاً تتكلم
كامل : نعم
نور : لماذا لم تكلمنا منذ جئنا لحد الآن
كامل : وقتها لم أستطع أن أتكلم ثم أنا أعمل أكثر مما أتكلم ..
نور : ولكن نحن ضيوفك والمفروض أن تكلمنا
كامل : أنا أؤمن بأنه يجب أن يكون للكلام سبب
نور : ووجودنا قربك أليس سبباً …
كامل : الانسان عنده أذناه وفم واحد …
ليسمع أكثر مما يتكلم
نور : وإذا .. فالأن هناك سبب يجعلنا أن
نتحدث .. أنا ..
كامل : أعرف اسمك نور … أعرف ذلك
أهلاً بك ….
نور : ( يخجل ) وهل .. وهل ..
كامل : أخبرني المهرج بكل شيء .. حتى
أني أعرف سبب مجيئك إلى هنا ..
نور : هذا الثرثار ..
كامل : المهم أنتم هنا في أرضكم
ومزرعتكم فأهلاً بك وبه
(( يذهب وينهض المهرج))
عليك أن تتشجع وتساعدني في اكتشاف من
يخرب في المزرعة ..
المهرج : حاضر .. حاضر..
نور : من تتوقع فعل هذا
كامل : إنه أمر محير.. وأنا تعودت أن لا
أقول شيء إذا لم أراه بعيني
نور : ولكننا لم نغب كثيراً عن المزرعة
كامل : الهدم أسهل من البناء
نور : لقد تعلمت منك الكثير رغم قلة كلماتك ..
كامل : كلما قل الكلام .. أصبح غالياً ..
نور : المهم علينا أن نعود لبناء البيت
كامل : لقد حل المساء …غداً نعيد بناءه .
نور : فأين سنبقى أنا و ..
كامل : أنت الآن بضيافتي .. وضيوفنا دائماً هم أهل
الدار ..
فضلاً .. والصباح سيكون خيراً إنشاء الله
المهرج : أين سننام
كامل : هناك في غرفة الحراسة البعيدة تلك
(( نور تتأمله وهو يذهب ))
(( موسيقى واظلام ))
اللوحة الرابعة
(( في المزرعة حيث يشع لون أزرق ليغطي المكان ويلقي بظلاله البنفسجية عليه .. يعطينا احساساً بالليل .. في احدى الزوايا يكون ( القمر) معلقاً في الأعلى ونسمعه يغني ))
القمر :
في سكون الليل
أرسل من لمعاني ومضه
للماء العليل
فيصير مرآة فضة
أنا القمر
ألق السحر
وفرحة الليل ونبضه
في سكون الليل
أرسل من قلبي ومضه
القمر : (( ينتبه )) ماهذا .. أين
صفحة ماء البئر .. كنت أرى وجهي فيها والآن
اختفت .. مرآتي اختفت …
(( يضاء البئر فنجد حمران وأبو الغرائب يحطمان البئر ويلقيان التراب في داخله ))
القمر: (( ينظر اليهما ويكتشفهما )) هي .. أنتما ..
ماذا تفعلان
(( حمران وأبو الغرائب يخافان ويرتجفان ))
أبو الغرائب : من هذا الذي صرخ بنا ..
حمران : لا أدري
أبو الغرائب : هل هو صوت كامل
حمران: كلا .. أنا أحفظ نبرات صوته جيداً
القمر : هي .. أنا الذي أتكلم ..
(( ينظران بخوف إلى الخلف فيجدان القمر.. ثم يضحكان ))
حمران : هذا القمر
أبو الغرايب : هو القمر بعينه ..
حمران : ماذا تريد ؟
أبو الغرائب : سأسأله .. ها .. ماذا تريد أيها القمر ؟
القمر : من سمح لكما أن تغلقا البئر بالتراب
حمران : انه بئري ..
القمر : لا تكذب .. هو بئر كامل ..
أبو الغرائب : تعرفه
القمر : هو صديقي .. فكامل يحب الحياة ..
لأنه يحب الزرع ويسقيه بماء البئر
… إذا يحب
الحياة والذي يحب الحياة .. أنا أحبه
حمران : هذه الأرض أصبحت لي وحدي
أبو الغرائب : ماذا قلت
حمران : لنا نحن الاثنين .. أنا وصديقي أبو الغرائب
القمر : أنتما تسرقان جهد غيركما .. هذا الجشع يهلك
.. يدمر
حمران : وأنت .. ما دخلك أنت ..
أبو الغرائب : اتركه يثرثر .. وهل سينزل إلى هنا لمنعنا
حمران : (( يهمس )) ربما يخبر كامل ..
أبو الغرائب : وهل تصدق بأن القمريترك الفضاء
وينزل إلى هنا
(( نجد القمر يتحرك بسرعة قرب حمران وأبو الغرائب ))
القمر : ها أنا جئت لمنعكما ..
أبو الغرائب : هل جفت الأرض بحيث لاتستطيع أن ترى
وجهك في البحور ..
والأنهار وجئت إلى هذا البئر ..
القمر : أنا والماء أصدقاء منذ أقدم العصور
حمران : شكلك يشبه لؤلؤة كبيرة
القمر : أنا لؤلؤة كبيرة .. وكنت أسكن أعماق البحر
أبو الغرائب : هذا القمر مجنون
القمر : لست مجنوناً يا غراب .. أنا حين خرجت من
البحر .. كنت أكبر لؤلؤة في الكون ..
يريدني لنفسه .. ليملك من بيعي الثروة..
ومن شدة جشع الناس هربت لاستقر في
الفضاء …
أبو الغرائب : والآن قل لنا ماذا تريد ..
القمر : أريد أن أحفر البئر .. ليعود الماء
لصفاءه
(( يبدأ القمر بحفر البئر ))
أبو الغرائب : (( يمسك حمران ويسحبه جانباً ))
لابد من الخلاص من القمر
سيفضحنا لو عاد الآن ..
حمران : وماذا سنفعل الآن ..
أبو الغرائب : نرميه بالبئر ..
حمران : هيا قبل أن تنكشف خطتنا ..
(( يذهبان إلى البئر ويمسكان بالقمر ويضعانه في البئر
.. فيظلم المسرح .. نتيجة اختفاء القمر ))
حمران : ماهذا الظلام ..
أبو الغرائب : لأننا اخفينا القمر
(( نسمع جرس الساعة ( تكتوكة) يدق وتدخل شخصية تكتوكة الساعة
وهي تحمل فانوس بيدها))
تكتوكة : ماهذا الظلام الدامس
حمران : هذه الساعة تكتوكة
أبو الغرائب : ساعة كاملة ..
تكتوكة : أين القمر.. أين ذهبت ياصديقي القمر
القمر : (( نسمع صوته مخنوقاً ))
أنا هنا يا تكتوكة ..
تكتوكة : أسمع صوتك ولكن لا أعرف مكانك
أبو الغرائب : (( يأخذ حمران جانباً ))
هل تعرفك تكتوكة ..
حمران : نعم تعرفني
أبو الغرايب : أذهب ودعها ترجع إلى مكانها …
وإلا ستوقظ جميع النائمين وننفضح
حمران : (( يحمل عصا غليظة )) .. سأضربها بالعصا ..
أبو الغرايب : لا يا حمران .. لا
(( حمران يذهب ويضرب تكتوكة .. فيدق الجرس ))
تكتوكة : آه .. آه ..
حمران : ها .. ما بك يا تكتوكة ..؟
تكتوكة : حمران .. لقد ضربني أحدهم ..
حمران : من ؟ .. من ؟
تكتوكة : لا أعرف .. ولكن جرسي يؤلمني كثيراً
حتى أن الوقت أختلف عندي .. نتيجة الضربة
حمران : ولماذا خرجت .. في هذه الليلة المظلمة ..؟
تكتوكة : لقد توقف عندي الزمن .. فجأة ..
حمران : من الضربة ..؟
تكتوكة : بل من اختفاء القمر ..
حمران : وما دخل القمر بالزمن ..
تكتوكة : ألا تعلم بأن حركة الزمن ترتبط ..
بحركة الشمس والقمر .. وحين يتوقف أحدهما
معناها يتوقف عندي الزمن ..
حمران : هيا ارجعي إلى مكانك يا تكتوكة
(( يظهر أبو الغرايب ))
تكتوكة : ما هذا الذي أراه ..؟
حمران : (( يؤشر لأبي الغرايب بالإختفاء )) لا شيء .. لا شيء
القمر : (( تخرج يده وجزء من وجهه فيضاء المسرح قليلاً ))
تكتوكة .. أنا هنا ..
تكتوكة : هذا القمر ..
حمران : تكتوكة .. أنت ن شدة الضربة .. أصبحت ترين
الأشياء بالمقلوب …( أثناء الحوار .. يحاول إرجاع
القمر إلى البئر .. فيعود الظلام مرة أخرى )
هيا اذهبي يا تكتوكة وأصلحي حالك ..
تكتوكة : أين أذهب ..
حمران : إلى البيت ..
تكتوكة : وأين البيت ..؟
حمران : هناك .. هناك .. مسكينة تكتوكة ..
فقدت الذاكرة لأنها فقدت الزمن ..
أبو الغرايب : بدأت تفكر قليلاً ..
حمران : وهل أنا غبي …
أبو الغرايب : عفوا يا صديقي ..
حمران : قل لي ماذا تفعل الآن .. هل نخرج القمر من البئر ؟
أبو الغرايب : المشكلة تزداد .. فهذا يفضحنا .. نتركه هنا في البئر
حمران : إذا حبسناه فسوف يطول الليل .. ولا يكون هناك نهار
أبو الغرايب : لمدة قليلة .. ثم نطلقه .. هيا بنا يا حمران .. هيا ..
(( يخـــــــــــرجان ))
(( من داخل الكوخ .. تخرج نور ))
نور : أين أنت أيها المهرج .. أين أنت .. ؟
المهرج : ( يخرج المهرج ومازالت علامات النوم ظاهرة عليه )
ها .. ماذا .. ( ثم يعود إلى النوم ويدخل )
نور : لا فائدة منك .. ماذا أفعل ..؟ .. الطريق بعيدة
حتى أصل إلى غرفة الحراسة .. ماذا أفعل ..؟
سأعتمد على نفسي .. وأحاول أن أحفر هذا البئر ..
( تقترب من البئر وترفع التراب وتمسكها يد القمر )
ما هذا .. ماما ..
( خائفة ) هذا البئر مسحور كما المهرج ..
القمر : ( يخرج جزء من جسمه فيضاء المسرح )
لا تخافي .. لا تخافي أن القمر ..
نور : ( خائفة ) وماذا يفعل القمر داخل البئر ..
القمر : لقد حبسني الحمار ..
نور : أنت فعلاً القمر ..
القمر : حين تخرجني من البئر سيضاء المكان ..
وتخرج لك تكتوكة وتصدقين ..
نور : ماذا تقول .. تعال ..
(( تحفر وتخرج القمر فيضاء المكان ))
القمر : شكراً .. شكراً لك أيتها الصديقة .. ما أسمك ..؟
نور : نور الهدى ..
القمر : أنت صديقتي .. وأسمك جاء مني .. فالهدى من الهداية
ومساعدتي في الخروج هي الهداية الكبيرة ..
أنت لم تسعفيني فقط بالخروج .. وإنما أسعفتني أيضاً
الساعة تكتوكة .. صديقتي .. (( تدخل تكتوكة ))
تكتوكة : صديقي القمر .. أين كنت ..؟ توقف الزمن عندي
بسبب غيابك ..
القمر : لقد ألقاني الحمار وصديقه الغراب في البئر ..
تكتوكة : حمران يفعل هذا .. ؟ إذاً هو الذي ضربني ..
القمر : يبدو أن هؤلاء جاءوا لتدمير الأرض وحبس الماء ..
نور : إذا فأنت تكتوكة ؟
تكتوكة : وأنت نور .. لقد فرحت كثيراً لأنك جئت معي ..
هنا في هذا البيت ..
القمر : إذا علينا أن نتحد لنقضي على خطط أبو الغرايب وحمران
نور وتكتوكة : هيا .. هيا ..
الثلاثة : (( يغنون )) هـــــذا الماء
روح النــقاء
فيه حياة الكائنات
القمر : أنا القمر .. أعطي البشر .. بهجتي
تكتوكة : وأنا تكتوكة المحبوبة
حب الوقت فـــرحـتي
نور : وأنا نور
صديقة البحور
لون الزهور
والإتحاد مهمتي
الثلاثة : فلنتحد .. فلنتحد .. فلنتحد
(( اظــــــــلام ))
اللوحة الخامسة
(( يبدو التعب واضحاً على كامل الذي حفر البئر دون فائدة ))
كامل : لا فائدة .. لا فائدة ..
نور : كيف ..؟
كامل : الأحجار الكبيرة تغلق عيون الأرض .. والزرع جف ..
نور : وأنا عطشانة ..
كامل : كلنا سيقتلنا العطش إذا لم نعرف نتصرف بالماء ..
نور : وأين هو الماء ..
كامل : موجود .. ولكن هناك من يمنع الخير ..
نور : الملح غطى الأرض .. فلا زرع ولا ماشية ..
كامل : لو أني أقتنع بالسبب ..
نور : كامل وهل تظن بأني أكذب عليك ..
القمر وتكتوكة كلفاني بإخبارك ..
كامل : أنت تحلمين يا نور .. أي قمر هذا الذي حبسوه في البئر ..
وأي تكتوكة غنت معك ..
نور : نحن الآن بمنتصف النهار ..
لننتظر حتى يحل الليل .. لتصدق ..
كامل : عندها يتوجب علي أن أهجر المكان إلى مزرعة أخرى ..
نور : أنا متأكدة سيلحقونك ويأخذونها منك أيضاًً ..
حتى تجد نفسك مرمياً في الصحراء ..
(( يدخل المهرج مسرعاً ))
كامل : لقد جاءوا .. انتظرتهم طويلاً .. وها هم قادمون ..
نور : تعال ولنختفي بعيداً ..
كامل : ولماذا نختفي من حمران ..؟
المهرج : أنه غاضب منك .. لأنك تعامله بقسوة ..
كامل : أنا أعامله بقسوة ..؟
نور : بل هو مدفوع من أبو الغرايب هذا المخادع .. المكار ..
كامل : لطالما حذرته منه ..
نور : أنا متأكدة انه يخطط لطرده أيضاً ..
كامل : وما يفعل أبو الغرايب بكل هذا الماء لوحده ..؟
نور : أنانية .. هيا فلنذهب ولنختفي .. حتى تتأكد بنفسك ..
(( يختفـــــــــون ))
أبو الغرائب : (( يدخل .. قافزاً فرحاً )) أنظر لقد رحلوا ..
لا أحد هنا .. لقد فرغت الأرض .. إنها لي ..
حمران : لك وحدك ..؟
أبو الغرائب : لا .. إنما أقصد نحن الاثنين .. ( يخط بعصاه على الأرض )
سنقتسم الأرض هكذا .. هذا لك ( يخط قطعة صغيرة )
والباقي لي أنا ..
حمران : معنى هذا الماء والبئر لك ..
أبو الغرائب : وهل سأشربه لوحدي ..؟
حمران : بل ستتحكم به لوحدك ..
أبو الغرائب : أعلم يا حمران .. لو عقلي وذكائي لما حصلت على شبر
واحد من هذه الأرض ..
حمران : لا تدفعني للقسوة عليك ..
أبو الغرائب : وهل تظن بأني وحدي … هناك جمع من الغربان بانتظار
إشارة مني لنهشك .. هل سمعت ..؟
حمران : (( يهجم عليه )) من ينهشني يا غراب البين ..
(( يظهر كامل ونور والمهرج ))
كامل : تريدان تقسيم مزرعتي والماء وأنا ما زلت حي ..
حمران : كـ .. كـ .. كامل ( يحاول الهرب )
كامل : ( صارخاً ) إلى أين ..؟ .. توقف يا حمران ..
هكذا تعبث بالأرض التي ربتك .. وسقتك ..
تنكر فضلها وتنساق خلف المخربين لدمارها .. لماذا ؟
نور : عليك أن تتعلم .. أن الغدر بالصديق ..
لا يعوضك بصديق آخر..
حمران : لقد أغراني هذا الغراب ..
(( ابو الغرائب .. يحاول الهرب .ز فيمسكه المهرج خائفاً ))
المهرج : إلى أين ..؟ ماذا أفعل به يا كامل ..؟
كامل : هيا يا أبا الغرائب .. نادي على غربانك التي تنتظر إشارة منك
المهرج : ( يأخذ عصا أبو الغرائب ) أضربه بعصاه ..
كامل : لا ..
نور : والآن ..
حمران : أنا أطلب العفو والرحمة ..
كامل : لنسأل أصدقاءنا في القاعة ..
ما عقاب حمران وأبو الغرائب ..
نور : ها .. ماذا تقولون ..؟
(( لغط في القاعة بالتأكيد))
نور : أنا أقول .. أن يحفر حمران .. وأبو الغرائب البئر ..
ويسقيان المزرعة لمدة مئة يوم ..
كامل : مئة يوم
نور : حتى يغسلوا السحر الذي وضعوه في البئر
والذي جفف المزرعة ..
المهرج : والعمل سيكون بإشرافي أنا .. هيا .. هيا ..
(( يأخذ حمران وأبو الغرائب الفؤوس .. ويبدأن بحفر البئر ))
(( ينشد الجميع ))
الجميع :
لو تعلم الماء أمــــانة
مذ بدأ التاريخ زمانه
لأجل الناس
وخير الناس
فرح الماء بجـــريانه
لصدق الخير
وحــب الغير
ترقصنا أعذب ألحانه
الماء أمانة
الماء أمانة
نحفظه بالقلــب أمانة
النهـــــــــــــــــــــــــاية
محمود أبو العباس