تيار الوصول الى الحرية للمثقفين والاكاديميين والتقنيين في العراق
الثقافة كانت ومازالت الهوية الروحية لاي شعب ولاية امة، ولان الزلزال الذي حدث يوم التاسع من نيسان 2003 جعل العراق يقف على مفترق طرق، مما غيب عنوة النخبة من المثقفين والاكاديمين والتقنيين العراقيين ، الذين هم الرعيل الاول في بناء دولة العراق الجديدة عن فاعليتهم الابداعية و الاجتماعية الحقيقية ، هذه الدولة التي حلم الجميع بأن تكون دولة قانون ومؤسسات وعدل لا دولة محاصصات طائفية وعرقية ، تباع في المزاد العلني والسري ، الا ان الاحداث التي شهدها العراق المنكوب اليوم اكثر من اي وقت مضى ثبتت ان القادة الجدد الذين يحكمون العراق الآن عبر احزابهم وميليشياتهم لم يحاولوا بناء هذه الدولة التي نحر الاحتلال ماتبقى منها من زمن الدكتاتورية بل كانت ومازالت حروبهم ومعاركهم تصب في جوهر السلطة والتسلط والمكاسب الآنية و الشخصية، ربما هناك نفر قليل منهم التفت الى تلك الشريحة المهمة من المجتمع العراقي ولكن ايضا بشكل فردي لم يحقق الهدف الاول والاخير من مساهمة هؤلاء في بناء البلاد وقيادتها وصياغة القرار السياسي والثقافي المستقل كل ضمن اختصاصه
لقد سرى سرطان الطائفية والمحاصصة في كل شبر من جسد الدولة العراقية ومكوناتها الا جبهة الثقافة والعلم فقد بقيت صامدة وبقي العراق موحدا فيها فقط لااحد يستطيع ان ينكر هذه الحقيقة الان
لم يعد هناك اي مجال لا للمجاملات ولا للمساومات ولا للصفقات السياسية على حساب حياة العراقيين وبلدهم ثم لماذا نعيد الخطاب نفسه للنظام السابق الذي لايذكرنا الا بالموت ،” العراقيون مشاريع استشهاد دائمة “، حينما نقف عند خطاب الحكومة الحالية ،” لقد اختار الله العراق لمحاربة الارهاب “، لماذا ياسادتي يامن تحكمون العراق اليوم الى متى نظل مشاريع للموت والفناء ثم من اجل ماذا فقط لكي نعيد تركيب الخطاب الامريكي نفسه حينما أعلن الرئيس بوش قبل نشوب الحرب قائلا : “سنحارب الارهاب هناك على ارض العراق ، بعيدا عن المدن الامريكية “!
لقد تكونت الدولة العراقية على اساس مكونات التعايش طوال عمرها فمن هذه الزاوية المهمة لايمكن ان يمرر مشروع دولة شيعية ولا سنية ابدا، السنة هنا في العراق هم ليسوا سنة الدول العربية ولا الدول الاسلامية وينطبق الكلام ايضا على شيعة العراق الذين هم مختلفون وبعيدون عن شيعة العالم وتحديدا شيعة ايران.
العراق دولة بكافة ادوار طفولتها وشبابها وانهيارها كانت دولة علمانية فلا يمكن السكوت على مشروع جعل العراق نموذجا لدولة طلبان او ايران ثانية
ولأن الامور الكارثية وصلت حد بأن تطغى رائحة الدم والدخان على كل شيء حينما يحاول المرء استنشاق الهواء في بغداد التي تتعرض اليوم الى هجوم بربري من الظلاميين الجدد لخلق خطوط تماس ابتدأها الغرباء تحديدا في منطقة المدائن بعمليات الفرز الطائفي التي طالت كل حي وزقاق فيها من اجل ان تكون هذه الخطوط هي العتبة الاولى في الاعلان عن الحرب الاهلية لاقدر الله
لقد دخل الغرباء كل مفاصل الحياة التي يحولون ايقاف كل شيء حي فيها ، كل شيء يصرخ بعراقيته رافضا مشروع التفريس او التطرف بشقيه السني والشيعي، ومشاريع القتل على الهوية وبدونها ، واطالة امد الاحتلال والارهاب والعسكرتارية والتهميش والازاحة والغاء الآخر
مما جعل الثقافة العراقية بمبدعيها من الادباء والكتاب والصحفيين والفنانيين و علماء العراق وخبرائه يتعرضون لمثل هذه الكارثة التي تشابكت فيها المصالح والاحقاد التاريخية والتصفيات الشخصية التي تؤمن بلغة العنف وثقافته ، و بطعن المختلف معه بآيات التخوين والتحطيم الشخصي كلها وبالقتل الذي تجاوز حتى القتل المعنوي الى القتل بكافة فنونه الوحشية التي لاتنتمي الى عالم الانسان ولا الى عالم الحضارة .
لهذا كله قرر عدد من الادباء والكتاب والفنانين والصحفيين ومعهم نخبة من الاكاديمين والتقنيين تأسيس تيار حر ناقد يعيد النظر في الحالة ونتائجها بدءا من اعادة النظر في دستور البلاد لتجاوز حالة الارتجال والضغوط التي مورست ابان كتابته الاولى والاستفتاء عليه خارج دوامة العنف والاحتلال ، علما بأن دستور الولايات المتحدة استغرقت صياغته اثنتا عشرة سنة . وكل شيء اعترى العملية السياسية والاجتماعية ولتقديم طروحات وطنية تسهم بشكل جاد في خروج البلاد من هذا النفق المظلم واستكمال استقلاله السياسي والاقتصادي
ومن اجل ذلك ترى هذه النخبة الحرة ان ثقافة التسامح وعمليات التنمية والبناء هي توءم الحرية التي ننشد الوصول اليها بوحدة العراقيين جميعا وتمثل جوهر الديمقراطية في الحوار وفن الاختلاف .
ان التأكيد على وحدة العراق كشرط لحريته واستقلاله يقتضي الاتغبن او ترحل اية قومية كما حدث في مدينة كركوك التي كنا نطمح بأن تكون مدينة للاخاء وكنا نتمنى على المناطق الامنة في كردستان العراق ان تحتضن مواطنيها العراقيين من المدن الاخرى باعتبارهم ابناء بلد واحد ولهم حق التنقل والعمل والعيش في اي شبر من ارض الرافدين الممتدة من الجبل الى الماء بدل ان يصبحوا لاجئين ومشردين في دول الجوار ومنافي الشتات .
ليخجلنا الصمت ازاء دماء المثقفين من الاساتذة والعلماء والصحفيين والفنانين والالاف من ابناء شعبنا جميعا الذين كانوا ضحايا فتاوى الموت والتكفير والاختطاف ، واولئك المتعففين الذين ينامون على ارض الثروات وهم افقر فقراء العالم وحياتهم رهينة الموت المجاني المتشعب النوايا والنيات ، مادفعنا الى تأسيس تيار الوصول الى الحرية والامان وكرامة الارض والانسان .
ليقف نزيف الدم ولتغلق بوابة الجحيم التي فتحها الاحتلال والارهاب
2007