الرئيسية / قصة قصيرة / صفعة الحمار

صفعة الحمار

كان صوت العجوز يأتي من الباب الموارب .. تطلعت الى السماء , ما تزال الغيوم تملؤها , وبدا المطر ينث … حينما دخلت الى الغرفة , ظلت تتحدث وهي تتابعني, بنظراتها الحنونة .. ثم سمعتها تقول :
تعال الى جواري ..

فسحت لي مكانا قربها , بينما بقي أخوتي , ينظرون أليها بصمت ثقيل .. وقد تدثروا بأغطية سميكة .. فيما كانت والدتي تغط بنوم عميق ..
قلبت جمرات المنقلة .. ورمت على جسدي النحيل دثارا .. بقي الفانوس المتقد في ( الرازونة ) يبعث في الحجرة ضوءه الاصفر الباهت , وحين تهب عليه الريح , أرى الاشياء تتحرك , وكأننا نسبح في قارب .. نظرت جدتي الى عيوننا الذابلة ,فقالت :
الى أين وصلنا في الحديث ؟؟
أجابها أكثر من صوت :
الى الاسد الذي ذهب الى الصيد .. !!!
شدتني الى أضلاعها وقالت : نعم ..

شعرت بالدفىء وبرطوبة ملابسي .. وأستمرت العجوز بحديثها : ( خرج الاسد
والحمار والارنب الى الصيد , وفي الغابة أستطاع الاسد صيد غزال ..)

هبت نسمة باردة , حركت ضوء الفانوس , فبانت أعمدة السقف الخشبية , كان سخام الموقد أنتشر في الاعلى , وبدت لي صور كأنها رؤوس شياطين .. ألتصقت بجدتي من الخوف , الدي يغزوني والبرد , الذي حط بثقله على الفرفة .. وأضافت الجدة :
( سحب الاسد فريسته , وأمر الحمار أن يقسم لهم الوليمة .. ) صر باب الحجرة حين لامسته الريح بشدة .. فبكى أخي الصغير , صمتت جدتي وقالت مخاطبة الطفل :
لماذا تبكي ..؟؟!!!
فصاح بوجل : أ ريد أن أتبول ..
ألتفتت العجوز نحوي وقالت :
: أذهب مع الولد لقضاء حاجته ..

شعرت برغبة في البكاء , وانكمش جسدي نحو الجدة وقلت :
ليذهب وحده ..

غضبت جدتي وقالت : لن أكمل القصة ..
نهضت متبرما , وسحبت أخي نحو الخارج , كانت يده دافئة وغضة ..

مازال المطر ينهمر والريح الباردة تشتد .. وفرائصي ترتعد من الخوف , وتهيأ لي أني رأيت في الزاوية البعيدة , من الدار أباحا تتحرك , أنتابني الفزع لكني تماسكت , وضغطت بشدة على يد الطفل ومضيت الى بيت الخلاء ..

وقفت تحت النخلة التي تتوسط ( الحوش ) , ورحت أشاهد قطرات المطر تنزلق على السعف المتحرك من شدة الريح ..

عاد أخي ومضينا الى الحجرة مسرعين .. وأندسست الى جوار الجدة مرة أخرى , وبدأت تسردالقصة , فيما رحت أتطلع الى وجهها الاليف , بأخاديده التي رسمتها سنوات طويلة من التعب , كما كانت تخبرنا .. وأستمرت قائلة :
( أخذ الحمار الفريسة , قائلا للاسد :

: حسنا يا سيدي يا ملك الغابة .. الافخاذ لي والقلب أعطيه للارنب , لانه صغير الحجم , ونتقاسم معا في الاضلاع والرأس يكون من حصتك .. نظر الاسد بعضب الى الحمار , الذي أراد أن يهنأ بالوليمة وحده .. فنهض الاسد مزمجرا , ليصفع الحمار على وجهه بقوة …)

أزددت ألتصقابجدتي , كان صوت المطر , يحدث في رأسي فجوة , من الاضطراب والخوف الغريزي .

نام أخي الصغير وهو يستمع الى قصة العجوز , التي ظلت تقلب الجمرات الحمراء , لاأدري لم فكرت بالاشباح تحيط بنا , وشعرت بأن الغرفة المعتمة , مثل بالون منفوخ يكاد ينفجر … بينما ظل وجه الطفل الراقد ببراءة شاحبا بلون الضوء المتراقص على ثناياه ..
وأكملت جدتي وهي تقول :
( صرخ الاسد بصوته العالي , في وجه الارنب قائلا له بغضب :
ألان عليك أن تقسم لنا الفريسة …)

ملأ الرماد المنټ/

عن صالح جبار محمد

شاهد أيضاً

عيدون

“عيدون”.. الأسطورة شميسة غربي / سيدي بلعباس / الجزائر يجلس أمام مكتب عريض؛ رُصَّتْ عليه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *