الرئيسية / كتب وأصدارات / صيف يوناني” لصالح دياب أو زورق لعبور الوحشة

صيف يوناني” لصالح دياب أو زورق لعبور الوحشة

“الشعر

يتبادل مع الزرقة العناوين”

ليس غريبا أن توشي الزرقة لوحة غلاف “صيف يوناني”…فالعنوان: عتبة القصيدة…و الغلاف عتبة الكتاب…و الأزرق السماوي المشكل للوحة الفنان يوسف عبدلكي  هو فاتحة لزرقة قصائد الشاعر السوري صالح دياب….

“صيف يوناني” هو الديوان الثاني للشاعر بعد “قمر يابس  يعتني بحياتي” (دار الجديد- بيروت)، و قد  صدر في بداية  هذه السنة عن دار “ميريت” للنشر  بالقاهرة.

“صيف يوناني” هو دعوة مفتوحة للتأمل،لتأمل الحياة،حياتك ذاتها ….بعيني شاعر يلتقط أكثر التفاصيل

الغارقة في اليومي و العادي ليكشف بها عن أكثر المشاعر الداخلية التي نتعمد تناسيها و الهرب منها…

مثل الألم ..الخوف … الحنين ….والندم.

يشتغل دياب في “صيف يوناني” على” تيمتين”…”تيمة ” الندم و “تيمة ” اليد….

تتكرر كلمة “الندم ” بطريقة مكثفة على امتداد المجموعة الشعرية،مثلها مثل كلمة “اليد” و إن كانت المفردة الأولى لا تنفتح إلا على أفقي الخسارة و التحسر فالثانية شكلت صورا كثيرة …متنوعة و مدهشة

و اليد هي يد الحبيبة  :

– “منذ كان لي مستقبلا

في يديك”

– “الزرقة تصعد إلى يديك”

– “يدك تمتد إلي عبر السلالم”

و هي يد الشاعر:

-” تعبت من حمل يدي”

-” و أصفن في الصور

تخفق بين يدي”

-“النوارس تحلق منخفضة

في السماء الصافية

 ليدي”

و هي  يد الضباب،يد الخالة، اليد الصغيرة للوردة….

اليد هي مفتاح الطفل لملامسة العالم و مقاربته  بملامسة الأشياء …. هي مفتاح الشاعر  لمقاربة العالم …لمقاربة نفسه ذاتها…حيث كل الصور تتكثف لتعبر عن دواخله و مشاغله و خساراته…صور تستدعي النسيان الذي يحلم الشاعر بأنه قد يمنحه إقامة…

و الندم؟

ندم صالح دياب ندم يلقي بظلاله على زرقة القصائد، ندم يتصرف معه الشاعر كتصرفه مع” شقيقة من الأم”….و يصفه:

– “لم يعد ندمي طفلا صغيرا

يناسبني أن أكتب كتابا”

-” دربت ندمي على الطيران”

– “لا أحتاج بلادا

 كي أرافق الندم

حتى قمة الجبل”

 قصائد صيف يوناني” نتطلق من اليومي بكل تفاصيله : (الخزانة،عربة ماكياجك،الكتب،الأومليت، برج ايفل…) لتنفتح على الروحي….على أكثر المشاعر شفافية و تواريا خلف التناسي ….

قصائد مجبولة بالحركة و ذلك لاعتماد الشاعر على الأفعال بكثرة…أفعال تتنقل بين الماضي  و المضارع بنفس سهولة تنقل كاميرا مخرج محترف:

– ” الأربعون

أحد ما غادر

 أقف قليلا

ثم

أغلق الباب”

انتقى الشاعر كلماته بعناية ، لا كلمة تزيد عن الحاجة،لا كلمة في غير محلها…الكلمات تتمازج لتشكل اللوحة:

– ” في مثل هذه البلاد

حيث يدفنون الغابة و الحجارة

لا يعني شيئا

أن ترفق يدك مع التحية

أو تطير شفتيك مع القبلة ”

قصائد دياب مخاتلة،مدهشة، تستدرجنا إلى مناخاتها بحرفية شاعر احترف التكثيف الشعري و الموسيقى

الداخلية ….

قصائد ”  صيف يوناني ” مجبولة بالروح الإنسانية ….ليس  ضروريا أن تكون محدد الهوية و اللغة لتلامس   روحك….. فهي قصائد لو ترجمت إلى لغة أخرى  ستصل إلى قارئها بنفس سهولة و عذوبة وصولها للقارئ العربي.

 

إيناس العباسي

تونس

عن إيناس العباسي

شاهد أيضاً

” هجر و حنين ” للكاتبة رضا الباز

رضا ابراهيم الباز موهبة شابة صاعدة طُبعَت على حسابها الشَّخصي،كتاب (هجر و حنين ) يقعُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *