تأليف : كاترين دورن
ترجمها عن الألمانية : عامر تايه
قبل عدة سنين كنت متدربة في مشغل حكومي , وعندما كان زملائي يتسلون في أوقات الأستراحة بالحديث عن أولادهم وأحفادهم , سمعت القصة التالية : في ذلك الوقت تبين لي انها قصة عادية , لكن اليوم عندما يسألني أحد ما عن الحياة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية , تباغتني دائماً ولأسباب لايعلمها أحد هذه القصة فقط.
في أحدى القرى الفلاحية التعاونية تسكن بنت أحدى زميلاتي مع أولادها الستة , أكبرهم كان صبياً في الثانية عشرة من عمره , كان ومنذ دخوله الى المدرسة دائماً الأول في صفه , لذلك أختير في بداية عامه الدراسي السابع ومن قبل مسؤول منظمة الطلائع لرحلة الى معسكر الشباب الصيفي لأطفال الجمهورية المثاليين.
لقد كان أول طفل في قريته يحصل على مثل هذا التقييم . كاد مدير المدرسة أن يبكي من الفرح , عندما قرأ هذا القرار قبل تحية العلم.
قال مسؤول المنظمة أن الطلاب في هذا المعسكر كانوا دائماً يرتدون سترة خاصة , وهذا مارآه في التلفزيون. لقد كان واضحاً بأن الصبي يجب أن يتدبر مثل هكذا سترة.
مديرة قسم المبيعات في معمل الخياطة قررت أن تتحرى جيداً لتعثر عليها . السترة كانت غالية ((.تقييم يأتي أو يذهب , فالصبي لايحتاج الى سترة)) قال الأهل . سترته الزرقاء والتي كان يرتديها دائماً كأول واحد بالدور من بين أخوته , كانت جيدة نوعاً ما .
الصبي أصر على أن يكسب ثمن السترة بنفسه . هذا لم يكن سهلاً, لأن صبي في الثانية عشر لايسمح له بالعمل في ألمانيا . مدير المدرسة ساوم مع جمع من الفلاحين على موافقة خاصة , عندها بدأ الصبي يكدح في كل فراغ بعد الدراسة. في الشتاء ينظف الروث من حظيرة الأبقار , وفي الربيع يزرع البطاطا مع الفلاحين , وعندما يذهب زملاء المدرسة الى المسبح , كان هو يزحف على الأرض ليقطف ثمار الفراولة الناضجة . ولغاية العطلة الصيفية كان قد جمع مبلغاً كافياً من المال . خلال ذلك كانت مديرة قسم مبيعات المعمل قد وفقت في الحصول على السترة .
عند صندوق دفع الحساب سألت الأم أبنها , ماذا لو يفكر بذلك مرة أخرى , عدا ذلك فأن سترته الزرقاء تشبه كثيراً هذه الجديدة وربما لا يستطيع بعدها أن يفرق بين الأثنين لتشابهما الكبير . لكن هذا لم يوقفه عن عزمه .
لم يود أن يحتفظ بالنقود الفضية المتبقية لديه كمصرف جيب للسفرة . كان على يقين بأن أمه ستحتاج لكل سنت للتسوق , قال ذلك وأصر على أن تأخذ أمه ماتبقى من النقود.
عندما وصل الى المعسكر الصيفي , أرسل الى أحد العنابر الخشبية حيث هناك صبية من عمره يتشاجرون للحصول على المكان الأعلى للسرير ذو الطابقين , وحتى يُعَلِمْ كل منهم مكانه , يرمي كل منهم سترته على المكان الذي يختاره , كان هناك ستر من جميع الألوان والقصات , لم يوجد احد يملك مثل السترة الزرقاء التي يملكها الصبي . بعد حين كان الجميع متفقون على الأمكنة وبدؤا بفرش أسرتهم بالشراشف , ثم أخذوا بعد ذلك الى أحدى المخازن , هناك علقت الستر الخاصة. من الصغيرة الى أكبر الأحجام , فرقت الموديلات قسم للبنات والآخر للصبيان , وقفت المجموعة بالدور واحداً تلو الآخر ليتسلم كل منهم قطعة الملابس .
أما أن يكون مدير المخزن لم يرى ماذا يرتدي الصبي الذي يقف أمامه , أو أنه لم يتلقى التعليمات لمثل هذه الحالات . على كل حال أعطاه مدير المخزن سترة مشابهه تماماً للسترة التي يرتديها . الصبي لم يتحرك قط . سأله مدير المخزن فيما لو أنه يمتنع كالآخرين عن أرتداء سترة المعسكر الطلابي . كرد فعل على ذلك .سحب الصبي السترة بشدة من يد مدير المخزن ليرميها على الأرض ويصرخ ((أنا لاأريد هذا , لا أريد هذا)).
في تلك الليله جائته نوبة بكاء ونحيب , الصبيان اللذين معه في العنبر بذلوا جهداً كبيرا ليكونوا أصدقائه , لكنه لم يتكلم معهم . في اليوم التالي حاول قائد المجموعة ليعرف شئ منه , لكن دون نجاح , مدير المعسكر الطلابي حاول أيضاً لكن دون فائدة , سألوا مدير المخزن , قال بأنه رأى نفس الشئ , شئ لم يكن على ما يرام لدى هذا الصبي , أنا لدي معرفة خاصة لمثل تلك الحالات.
الوحيدون اللذين سمعوا كلاماً منه , هن طباخات المعسكر الطلابي وذلك عندما توسل لهن أن كان بأستطاعته مساعدتهم في تقشير البطاطا . لقد تأسفن كثيراً عندما فقدن مساعدهم النشط بهذه السرعة , حيث بعد ثلاثة أيام أرسل الصبي الى البيت بسبب عدم أمكانية التجانس مع الآخرين.
تأليف : كاترين دورن
ترجمها عن الألمانية : عامر تايه
Story : Katrin Dorn