المستشرقون وافساد المرأة
بقلم الباحث: حسين القابجي الموسوي
ان للمستشرقين العديد من الاساليب والاهداف ذكرها الباحثين في هذا المجال، وبعد التعرف عن أهم أساليب المستشرقين واهدافهم في غزوهم الفكري للمسلمين، وكذلك بعث الخلافات القديمة، وإحياء الشبه المدفونة، ومحاربة الفكر الاسلامي من الداخل وانحراف أنظار المسلمين عن الاتجاه الصحيح، هنالك اسلوب او منهج أساسي اتخذه المستشرقون او الغرب بعد دراسة الشرق ومعرفة أهم الاسس في تكوين المجتمع الشرقي وهو (المرأة)، وبعد معرفتهم ما للمرأة المسلمة من تأثير على الاسرة، وعلى المجتمع الاسلامي بصورة عامة، فوجهوا شطرا كبيرا من أعمالهم التبشيرية اليها.
كانت المرأة المسلمة الملتزمة بآداب الاسلام بعيدة عن الاختلاط في مجتمعات الرجال، لذلك اضطر المبشرون والمستشرقون أول الامر أن يضموا اليهم فريقا من المبشرات اللواتي يحملن مهمة التبشير الى النساء المسلمات، كما بدا لهم ان يؤسسوا جمعيات نسائية، ومدارس ارسالية للبنات، على نسق المدارس التي اسسوها للذكور، وذلك لعدة اسباب:
1- يوجهوا عناية لفتح المدارس الداخلية، لأن فرص التأثير فيها اكثر.
2- التشجيع على التعليم المختلط.
3- اقامة الاندية النسائية والمخيمات الكشفية النسائية.
ثم ما زالوا يتدرجون في كسر الحواجز بين الذكور والاناث، حتى شاعت المجتمعات المختلطة بين المسلمين والمسلمات بتأثير العدوى، وصفق والمبشرون كثيرا، حينما فتحت المرأة المسلمة ابوابها، ونزعت عنها حجابها الشرعي(1).
وما قاله زعماء الاستشراق في هذا الباب: يقول صموئيل زويمر رئيس جمعيات التبشير في مؤتمر القدس للمبشرين المنعقد عام 1935م:
إن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، ولذلك تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، لقد هيأتم جميع العقول في الممالك الإسلامية لقبول السير في الطريق الذي سعيتم له، ألا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، أخرجتم المسلم من الإسلام، ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي جاء النشء الإسلامي مطابقاً لما أراده له الاستعمار، لا يهتم بعظائم الأمور، ويحب الراحة، والكسل، ويسعى للحصول على الشهوات بأي أسلوب، حتى أصبحت الشهوات هدفه في الحياة، فهو إن تعلم فللحصول على الشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات... إنه يجود بكل شيء للوصول إلى الشهوات، أيها المبشرون: إن مهمتكم تتم على أكمل الوجوه(2).
ويقول زويمر: إن للتبشير بالنسبة للحضارة الغربية مزيتان، مزية هدم، ومزية بناء أما الهدم فنعني به انتزاع المسلم من دينه، ولو بدفعه إلى الإلحاد .. وأما البناء فنعني به تنصير المسلم إن أمكن ليقف مع الحضارة الغربية ضد قومه(3).
ويقولون إن أهم الأساليب للوصول إلى تدمير أخلاق المسلم وشخصيته يمكن أن يتم بنشر التعليم العلماني.
ويذكر المبشر تكلى: يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني، لأن كثيراً من المسلمين قد زعزع اعتقادهم بالإسلام والقرآن حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية وتعلموا اللغات الأجنبية(4).
ومنهم من ذكر: مادام المسلمون ينفرون من المدارس المسيحية فلا بد أن ننشئ لهم المدارس العلمانية، ونسهل التحاقهم بها، هذه المدارس التي تساعدنا على القضاء على الروح الإسلامية عند الطلاب(5).
ومن الادلة الواضحة على السيطرة الكاملة على المرأة المسلمة، تقول المبشرة آن ميليغان: لقد استطعنا أن نجمع في صفوف كلية البنات في القاهرة بنات آباؤهن باشاوات وبكوات، ولا يوجد مكان آخر يمكن أن يجتمع فيه مثل هذا العدد من البنات المسلمات تحت النفوذ المسيحي، وبالتالي ليس هناك من طريق أقرب إلى تقويض حصن الإسلام من هذه المدرسة(6).
ماذا يقصد بذلك؟ إنهم، بإخراج المرأة المسلمة من دينها يخرج الجيل الذي تربيه ويخرج معها زوجها وأخوها أيضاً وتصبح أداة تدمير قوية لجميع قيم المجتمع الإسلامي الذي يحاولون تدميره وإلغاء دوره الحضاري من العالم.
وتابعت عميلات الغزو الفكري الخطر أعمالها في الافساد بعنصر النساء، واحتلت مجالات توجيهية كبرى في معظم بلاد المسلمين، وفقد المسلمون معظم مراكزهم التوجيهية فيها، فكان مما احتله هؤلاء الغزاة المجالات التالية:
1- مجالات التربية والتعليم والثقافة على اختلاف انواعها واشكالها: تعليم الفتاة المسلمة وتربيتها طبق الاسس التي وضعوها لافسادها.
2- مجالات الفنون المختلفة: الفنون وما يتصل بها وبزينة المرأة وفتنتها واغرائها للرجل، من خلال وسائل اعلام متعددة، وهان على المرأة المسلمة ان تعرض مفاتنها للرجال الاجانب.
3- مجالات الصناعة والتجارة: منها تصميم الازياء الكفيلة باغراء المرأة وفتنتها، والتفنن في ابتكارات مواد زينة النساء.
4- مجالات الفتنة والاختلاط: ومنها الخلط بين الفتيان والفتيات في معاهد العلم(7).
اما في وقتنا الحالي، الوسائل اصبحت أكثر تأثير واقل كلفة واسرع بتحقيق النتائج من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، الذي اساء استخدامها الكثير من المسلمين والمسلمات وعدم استثمارها في الجانب الايجابي.
____________________________
الهوامش:
( ) فاطمة هدى نجا، المستشرقون والمرأة المسلمة: ص36.
(2) عبد الله التل، جذور البلاء: ص275.
(3) ا.لُ شاتليه، الغارة على العالم الاسلامي: ص16.
(4) مصطفى الخالدي وعمر فروخ، التبشير والاستعمار: ص88.
(5) ا.لُ شاتليه، الغارة على العالم الاسلامي: ص82.
(6) مصطفى الخالدي وعمر فروخ، التبشير والاستعمار: ص87.
(7) فاطمة هدى نجا، المستشرقون والمرأة المسلمة: ص37-41.