الرئيسية / مسرح / مسرحية قصيرة جدا…جدا

مسرحية قصيرة جدا…جدا

(سألت الشيخ عبد ربه :

ما علامة الكفر؟

فأجاب دون تردد: الضجر. ) ـ أصداء السيرة الذاتية ـ نجيب محفوظ

الفصل الأول :

الفضاء ( مقبرة ودخان يتصاعد من الحفر)

في النقطة السوداء من الركح ، وقف طفل في عراء مطلق في صمت يتأمل الجمهور . يحمل علبة تلميع الأحذية . سجين دائرة ضوئية . تنخفض أنغام آلة السنتير تدريجيا. يتعالى صوت الطفل متمايلا مع جرح فوضى الأعماق :

ـ غيوم ….غيوم الوقت قطرة نار .سقطت وجرف السيل الأحمر القاني ، البشرالنخيل و الرمال . ملعون مولود زمننا ، يخرج من الرحم شيخاعلى كتفه نعشه وهو يحلم يمشي…ويمشي.. ملعون هذا الحيوان لايحسن إلا قدف البؤس والمسخ الى الشارع….

( يشير الى نفسه ) ها العربون .

رأيت المعابد منارة مقلوبة….

منها السيف ومنها الوردة : حولها يحوم الذباب وكل ذبابة يخيل إليها قبحها ، قزميتها في جمال قامة غزالة . وأنها أقرب الكائنات الى الله .

ورأيت ذئبا وراع في ميزان .والضحية بإسم الظل الممدود والماء المسكوب ، هيئت الوريد لدبح .

هل هي علامة من علامات الساعة ؟

عقاربها عقرب يلدغ زمننا .وكل واحد منا يحمل قبره ويطوف بين الأنقاض . باحثا عن حفرة يواري ترابها حقارته .

ورأيت رجالا شواربها مشجاب قذارة ، تحت الذقن وشم . بيته سوق عهر .

ضحك الجمهــــــــــــــــــــــــــــــــــــور ؟؟؟؟؟

الطفل حافظ على صرامة هدوئه وأضاف :

ـ أبي الأصم الأبكم سرقوه منا من تحت سقف هدوئنا … ألبسوه خوذة و سلموه بندقية .

الى جانب من يحارب ؟ وضد من سيحارب ؟ ولماذا ؟.هولا يعرف وجها لعدوه . ولا أعداء له أصلا إلا من حرموه حق الحياة .علموه الرماية ولما تعلم رمى نفسه . سخرية لقبوه : البطل الشهيد .

أمي مقعدة ولها ثلاثة أطفال …الأوسط حفظ جدول الضرب بالضرب ، منحوه ورقة وقيل له : من اليوم أنت ممثل ( يشير الى نفسه ) هو لايفقه حروز وطلاسيم ما حفظه من كلمات . قيل لي أنها حكم ومعاني تحرك وتزعزع الجبال ( طز )

ضحك الجمهــــــــــــــــــــــــــــــــــــور ؟؟؟؟؟

الصغير….آه لصغير….أكيد هذا إرثه ( يشير إلى علبة تلميع الأحذية ) لأسيادكم ……..

لهيه ( يشير الى الفوق ).يلمعون أحديتهم ألف مرة في اليوم ، تمنيت لو لمعوا عقولهم القذرة العجوز الشريرة ثانية واحدة في السنة .

ضحك الجمهــــــــــــــــــــــــــــــــــــور ؟؟؟؟؟

أما البكر ….حالة للهو تماما ، يتأبط كتبا الأحمر منها والأصفر . كل كراسي الحانات تعرفه ..يبيع تمزقات أعصابه في سلة ، هواءها ترنح كلمات مقابل قنينة جعة . عاهرة الزمن الحديث .على الأقل من قدمت جسدها للبيع ، لها حكاية جرح جوع غائر عميق …وحده مهراز ومهماز الوقت : اللجام .

ضحك الجمهــــــــــــــــــــــــــــــــــــور ؟؟؟؟؟

غضب الطفل وخرج الى الشارع يعدو…..عندما وصل الى بيته ، وجد أمه المقعدة تلاعب طعريجة وتردد أغاني ساقطة ومن حين لحين تزغرد…وجد الصغير يراقصه عجوز من بلاد الثلج في عراء مطلق . والكبير يلتقط في حالة عربدة خمر مطلقة ، يلتقط صورا للعراء …ربما ذكرى للعجوز ، يعود إليها كلما شده الحنين الى …..

الفصل الثاني :

عاد الطفل الى قاعة المسرح ليقص ماحدث . وجد الجمهور قد فقد توازنه من كثرة الضحك . ولأنه إختار أن يكون ممثلا ، بصق في الهواء …..على نغمات أوجاع آلة السنتير…إستلقى وبالضبط في النقطة السوداء من الركح ، سجين دائرة ضوء : ضاحكا .

صفق الجمهور طويـــــــــــــــــــــــــــــــــويلا ……

الفصل الأخير :

في الكواليس وجدوا جسده في الهواء يتمايل مع ريح لغط الجمهور وهو يغادر قاعة المسرح .

في جيبه وجدوا ورقة صغيرة وخربشات كلمات وقالت الأذان التي لا تتعب من لعق هفوات البشر :

تقول الورقة :

* في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ….

لهم زلازل ، فيضانات ، قحط ، جوع ، سعار ، ضجر ، وحروب…وحروب…وحروب…*

عن عبد الحق طوع

شاهد أيضاً

مسرحية الأطفال – الساحل وجني المصباح

بـدايــــة   (( المسرح متسع من الفراغ .. الستارة الخلفية بيضاء يرتسم عليها لون     …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *