الرئيسية / كتب وأصدارات / امل الجبوري تهاجر .. قبل وبعد الاحتلال ..

امل الجبوري تهاجر .. قبل وبعد الاحتلال ..

صدر للشاعرة العراقية المغتربة في المانيا منذ التسعينات امل الجبوري ديوان جديد بعنوان : ( هاجر قبل الاحتلال .. هاجر بعد الاحتلال ) . عن دار الساقي اللبنانية في تسع وسبعين صفحة من القطع المتوسط مع CD   بقصائد مغناة .. ادتها الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة .

 

دخلت الشاعرة للديوان من مثلٍ سومري : ” ما اعطي بالذل يجلب العار ” وهي امتداد معرفي متجذر في وادي الرافدين ، يمتد بنا الى حكمة الامام الحسين بن علي .. عليهما السلام ، تأصلاً .. وسط واقعة الطف الهوجاء : ” لااعطيكم اعطاء العبيد ولا اقر لكم اقرار الذليل ” ليستشهد .. ملاقياً ربه من دونما مبايعة يزيد بن معاوية . عام 61 للهجرة .

ثم خاطبت العراق منادية :” سيدي ومولاي ” ليصب الديوان قصائده ، شآبيب نار تسيل على نافذة الغيم العراقي المحتل .. فاقداً اهليته في المطر .

ضم الديوان واحدة وستين قصيدة ، اعادتني الى عام 61 للهجرة الذي استشهد خلاله الامام الحسين ( ع )
. وهي قرينة لازمة طبعت لاوعي الشاعرة الجبوري .. بل طبعت الادب العراقي والفن ايضاً ، حتى باتت التعازي الحسينية تضفي ظلها على الاغاني العاطفية و قصائد الشعراء الذين تأتي بينهم امل الجبوري على رأس جيل يتوسد خريف الثمانينات من القرن العشرين بينما قدماه تمتدان الى ما بعد ربيع الالفين من القرن الحادي والعشرين ، في زمان كثير .

فالزمان في العر اق لايطول ولايقصر ، انما يتكاثف ( كثيراً )

 

 

منع سفر

 

عرفت الشاعرة العراق بالممنوع في مستهل قصائد ديوانها : ( هاجر قبل الاحتلال .. هاجر بعد الأحتلال )  حيث قالت : ” بلدي قبل الاحتلال .. جواز سفر ممنوع من السفر . بلدي بعد الاحتلال : – جواز سفر لخادمة فلبينية .. مختوم بالاحمر .. غير صالح للعراق .not valid to iraq    .

تناولت قصائد الديوان : ( الدين ) و ( الامومة ) و ( الجيران ) و ( البنوة )  و ( الزواج ) و ( الرجال ) و ( الجدران ) و ( الروح ) و ( القلب ) و ( الجسد ) و ( القبر ) و ( دجلة ) و ( الحرية ) و ( الشرف ) و ( الغم ) و ( الساعة التاسعة )  مبررة هذا التوقيت الذي اهدته الى المعلم  الأرياني : ” كانت نشوة الجنرال تصعد الى خالقها .. تتطاول عليه .. تسخر من الغياب .. والغدر .. كان الخلود وشم الساعة التاسعة ” .

تسترسل قصائد الديوان المتوزعة .. ترادفاً : – قبل الاحتلال وبعده الى اغراض شعرية نابعة من الواقع العراقي الان : (الندم ) مرتين قبل وبعد الاحتلال و ( الوحشة ) مرة واحدة والى الابد . فالوحشة قبل الاحتلال غيرها بعد الاحتلال والجبوري تعي ذلك ، بنظرة متفحصة تلقيها من المنفى على العراق .

منفى امل الجبوري ، قبل 9 نيسان 2003 كان اضطراراً وبعده بان اختياراً .

يتواصل الديوان مع قصائد الثنائية  : ( الصور ) و ( العيد ) و ( الحب ) و ( كرة القدم ) و ( الموت ) و ( العظام ) و ( بغداد ) خاتمة للفصل الاول من الديوان ، تسبقها القصيدتان اللتان اخذت عنوانه منهما : هاجر قبل الاحتلال التي جاء في مستهلها ” كانت تريد العودة لتعثر على اجوبة لاحلامها القديمة ” مستفهمه عن ماء دجلة والعشاق على ضفاف الفرات ، لتطرح نفسها بنية ” تطفئ نار الحرب باردانها ” وتحذر من سوط الحرب الاعمى وخياناتها : ” الحرب بائعة هوى .. لايهمها سوى ثمن مدفوع سلفا ً ” .

ودور البنية ليس كثيرا ً على شاعرة كمثل امل الجبوري ولاهو بكثير على وجدها الانساني النبيل .. هياماً بالعراق وولاءً لاصدقائها ادبائه .. وعموم مواطنيه بكل ماتحاول ان تحققه لوطن يلفظ ابناءه على مر العصور ويشتتهم في مذلة شوارع العالم التي لاترحم .

 

كلنا خاسرون

 

تفتح الجبوري ( باب الاناشيد ) فصلاً ثانيا من الديوان ، يحمل في مستهله ( انتحار السؤال )  قصيدة و ( يادجلة الذكريات ) التي اهدتها الى روح الشهيد عثمان بن علي السباح السني البطل الذي مات وهو ينقذ الشيعة من الغرق خلال فاجعة جسر الائمة الشهيرة .

 

ووجهت نداءً  عصياً الى بوش الابن في قصيدة : ( ياسيد البيت الابيض ) التي جاء في المقطع الاول منها : (( ياسيد البيت الابيض .. اعد لي مدينتي بلا نعوش .. اعد لي مدينتي بلا سواد .. اعد لي تلك البلاد .. التي كانت تسمى يوماً بلادي .. “موطني موطني ” .

 

ثم تقر : ( كلنا خاسرون ) عنواناً لاحدى القصائد ، لتروي في قصيدة اخرى : ( حكاية من المدينة الارملة ) مستفيدة من اسطورة انليل رب العواصف في سومر  : ” والناس ينوحون .. جثث البشر لانكسارات الجدار .. كانت تغطي الطرقات .. والجدران كانت متصدعة .. البوابات العالية والمسالك .. تكدس الموتى فيها .. وفي الشوارع العريضة التي تعود الانسان الاحتفال .. تكدس هناك الموتى .. في الحقول الطليقة المملوءة بالراقصين تراكمت جثث الموتى .. وملأ دم البلاد وثقوبها ”

 

لتسترسل الحكايات بعد المليون على التوالي : 1و2 و3 و4 و5 و6 التي ينتهي بها الفصل ، ليهدأ فصل ( وداعاً ايها الشعراء ) وهو على قصره خاص بالشعراء و ( الشعر قبل وبعد الاحتلال ) حيث تنتهي صفحات الديوان بقرص CD  سجلت عليه قصائد للشاعرة امل الجبوري ملحنة و مغناة بصوت المطربة اللبنانية جاهدة وهبة .

 

تصدير متأخر

 

تصدرت الديوان ببليوغرافيا عن الشاعرة ، جاء في بعض منها : ” اسست مجلة ديوان وديوان الشرق الغرب واصدرت ديوان خمر الجراح واعتقيني ايتها الكلمات ولك هذا الجسد لاخوف علي وترجمة مسرحية موت الحلاج للامريكي هربرت ميسن ورواية حيث تلتقي الانهار للمؤلف ذاته ومختارات من شعر انتسنسبيرغر وسارتوريوس وشيمل وصدر لها ايضاً ديوان ( تسعة وتسعون حجاباً ) وكتاب بالالمانية يوثق للتشكيل العراقي

اختارت الجبوري صورة لمقبرة ( وادي السلام ) في النجف الاشرف ، غلافاً لديوانها ..

 

 

يفضي ديوان : ( هاجر قبل الاحتلال .. وهاجر بعد الاحتلال ) للشاعرة امل الجبوري ، بقارئه ، الى التساؤل :- هل كان سيظهر جيل بهذه الطاقة الشعرية التي تتخفف من اعباء قدرها لتحلق فوق الزمان والمكان .

 فالقدر العراقي يثقل وعي مواطنه بالحروب والثورات والارهاب والحصار والفرهود ، لكن الجبوري تتحرر في هذا الديوان من ناسوتيتها لترتشف كأس الخمرة الالهية المعتقة منذ دهور في كهف سري يخترق سفح جبل الاولمب .

 

عن محمد اسماعيل

شاهد أيضاً

” هجر و حنين ” للكاتبة رضا الباز

رضا ابراهيم الباز موهبة شابة صاعدة طُبعَت على حسابها الشَّخصي،كتاب (هجر و حنين ) يقعُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *