صدرت حديثا فى بيروت لزكريا عبد الجواد
فى رواية ” قبعة الوطن ” :
للطغاة قسمات متشابهة ونزوات مدمرة فى العادة
فى مسعى دؤوب لرصد الملامح التى يشترك فيها الطغاة فى مختلف الأزمنة , تدور أحداث رواية ( قبعة الوطن ) الصادرة حديثا للروائى زكريا عبد الجواد , عن الدار العربية للعلوم فى بيروت .
وتؤكد الرواية عبر احداثها المتقاطعة وشخوصها ذات القسمات المتطابقة , ان الظروف التى ظلت تهيىء لظهور الطغاة عبر العصور المتعددة , ظلت تتشابه فى أى مكان ظهرت فيه , وأى زمان .
ووقائع ( قبعة الوطن ) التى تتخذ من نموذج الطاغية مرتكزا لها , تجرى داخل بقعة تتشابه مع عديد من بقاع ابتليت بنماذج لطغاة اعتقدوا طيلة سنوات حكمهم التى لانهاية لها فى العادة , انهم امتلكوا الارض ومن عليها من بشر , وطيور ونباتات , بل وحتىالهواء الذى يدور فلا يرسل عبقه الا بعد أن يأذن له الطاغية الملهم , ومن هنا كان تعامل الانظمة الديكتاتورية مع كل ما يجرى فى تلك البقاع التى حفلت ببشر اعتادوا الاستكانة , لكنهم يمتلكون حناجر تجيد الهتاف فى الميادين , والاصطفاف فى الشوراع انتظارا للطلعة البهية , واطلاق الدعاء ليلا ونهارا , بنصر لايجيى ء – فى العادة – لمن اختطف البلاد منذ أن قاد دبابته , وأخضع كل من فى تلك البلاد من بشر , لسطوته .
وقد سعت رواية ( قبعة الوطن ) بما حملته من ملامح مراوغة لعديد من الطغاة الذين انتشروا فى قارات العالم قديما وحديثا , للتأكيد على ان سلوك الطغاة فى العادة يكاد يتقارب , حتى وان اختلفت الأماكن , وتباعدت الأزمنة , وان الأدوات التى يستخدمها هؤلاء لتشديد القبضة على البشر والحجر , المياه والشجر , والهواء الذى يمرق , هى نفسها التى تتواجد فى كل زمان ومكان . .
غير ان النقطة المفصلية فى الرواية , تكمن فى تلك اللحظة التى راودت فيها بطل الرواية , أحلاما توسعية , حين اجتاحته فى احد الأوقات فكرة أن يقوم باعادة تأهيل شعبه بدءا من نقطة الصفر , فاندفع مطاردا بهوس صور له امكانية صناعة ذلك الشعب الذى لايجيد سوى الهتاف , واستخدامه فيما بعد فى تحقيق تلك الأهداف الجهنمية التى ظلت تراوده , وتلح عليه .
فبعد أن أصيب الديكتاتور الذى لاحد لطموحاته , فجأة بحالة من السأم , تجاه شعب شديد الاستكانة , لاهم لديه الا الهتاف له صباحا ومساء , ولاهدف لوسائل اعلامه الا ترديد مايقول , واعتبار كل كلمة تخرج من فمه حكما وأمثالا يجب أن تحفظها الأجيال عن ظهر قلب , جاءته الفكرة , فقرر اعادة صياغة ذلك الشعب وفق رؤيته الخاصة , بعد أن ارتأى أنه يحكم شعبا من غير مكتملى النمو .
قلب الأمر , قبل أن يندفع نحو تنفيذ مافكر فيه , فمضى الى غايته باندفاع , لينتهى الأمر على غير ماتوقع , اذ ارتهنت البلاد , بمن فيها ومن عليها للطامعين , وانهارت أحلام الزعيم الملهم , واستقرت الخيبة فى أرجاء البلاد كل الوقت .. مسفرة عن نفس النتيجة التى نالتها العديد من البلدان جراء طغيان بعض الحكام المهووسين, هؤلاء الذى فرضوا بالقوة سطوتهم , وارتهنوا البلاد ومقدراتها لتصبح وقودا لمغامراتهم البائسة .
” قبعة الوطن ” هى الرواية الثانية للروائى زكريا عبد الجواد , بعد أن صدرت له رواية ( خيار الصفر ) فى العاصمة اللبنانية بيروت خلال العام 2006 , وهى الرواية التى نفذت طبعتها الاولى من الأسواق , بعد وقت قصير من اصدراها .