الرئيسية / نصوص / محنة آدم

محنة آدم

محنة آدم.. (نص مفتوح )

للشاعر العراقي وهاب شريف

 

محنة آدم بصرٌ يتيقّظ من لبن مذهول ودم مبتذل وجبين بارد

محنة آدم ليل مزدحم الاسرار يفكُّ رموزاً وطلاسم من عيد شاردْ

محنة آدم مئذنةٌ تلقي الحبّ لاسراب من حقل تجارب من دود جاحدْ

محنة آدم حواء تذبل جاهدة وتمرّر ضحكتها بين رنين البنّ الحاقدْ

محنة آدم رأس أتعب رمحاً، جسدٌ طاول قبراً، ونبيّ كنخيل ساجدْ

لكنّ الايام ذراعٌ أقصر من ايقاظ حبيب لحبيب فاقدْ

محنة آدم ان بقايا أمل تتفيّأ في تيه تحت سرابٍ ماردْ

محنة آدم صبحٌ ينأى عن معضلة ويزرّرُ غيمات شتىّ في ثوب واحدْ

 

 

 

استيقظي من عتمة الرأس وصيري ابتداءً لمستقبل مضرّج بالدفء، نجمة الشبّاك تغفو تحت اهدابي المثقوبة بالضوء البارد وهي تحلم بالصحاري التي ترتدي وجه الربيع رغم غفوة تستله، آية تبحث عن كيان يتأمل حيرتي التي تأثّرت بالتوابيت حتى استعارتها لثوب لا يطيق خيوطه، من اين تاتي لنشيجي الارصفة؟ لقد ازعجّتها من زحامي لها وعقّد تها من مماطلتي لحقدها! ثقوب الوجه الليلي الكاره للضوء الالكتروني المشنوق باحداق الغرفة، تستنّجد بالجدران الباحثة عن لون تشتاق اليه في حضن الضجيج الغبيّ الذي يفيق أذى الجاهلية.

استيقظي فمكوثك في وجعي اقسى من جرح الكرة الارضية ذات الجرح الموبوء بالاصوات المبحوحة بالعهر ذراعاك جحيم من الفة سنبلة تجتاح حياتي في الله.. انا العنكبوت الذي ما نسج على مرآة غيابك سوى حلم ما دوّنت دبابيسه في ذاكرة الرمل التافهة، يا قلق القمر الازرق نم تحت رأسي استيقظ من تيهك اخلاقا تدري من امر الدنيا.. ان الوفاء دم يسيل يثمل منه المنفيون في تفاصيل المدن المختلفة. لي حصان علمته ان يجوع لكنه ابحر في الماء وعاف الحقل، نهضت صبحاً من فرح قديم ورداء الماضي ملتصق بي فاستنجدت بتقوى الله لكي ازعه، لم يبق لديّ سوى القفص الحجريّ استأجره مني عود الصبر وقيثار قد يأتي..!!

اشتاق لكل الطوابع التي جمعتها في طفولتي لكن اين رسائل نون؟ اوراق بيضاء عذراء شربت حبرها مراهقة السنوات، كان بيتا ذلك الوجع الخرافي اللطيف، ضيّعني في غفلة عن شغفي وحين شرعتُ في البحث عن سقف اصفر اخدع به بردي وجدت في حروفي القديمة فرحا يسألني ان احزنه!!

السفر كان جدولاً يكبر في افاقي وعندما اصبحت عيناي لعبة خضراء كرهت ان اسافر عن ظنوني وتلك الاسماك لا زالت تستفز حبي لها، انا قادم ايها النهر من ضلعك الذي حولته في مساء نحس الى عود اغني مع غربته خشب الحنين. ايتها الاسفنج الناريّ الحنطيّ صهرت اللوعة في عطش مساماتك في زمن الحلم ودوّنت اسمي الرجل الخسران.. الاسفنج الاسفنج الاسفنج، يا ألَق القيثار الملعون استفحل في مخيلتي النسيان وساقي تتمنى اشرعة دون شلل، يا حمورابي اترك لي حكمتك الابهى انّ انكسار المرايا التي تتقيّأ ذنوبها يدعو للغفران وللرحمة، اخجل من اسمال السفهاء الموتى دنّست المرعى والشاطيء والطين.. الطين جفّفت بدمع حروفي ظَمَأه..

نضبتْ ايتها الغافية في صلواتك انهار الكحل ستبقى عيناك المرآة.. المرآة حساب يرمي غيمي بالهمّ المثقل بالهفوات، يا صوت الرمل المبحوح اهدأ من نزع الريش الواثق عن جلد العصفور ومن اخصى النيران وصيّرها، الكانون المتناقض؟!

وجعي شطْآن محبة وانا وطن للكمثرى مكتئب احتاج اذا ما جنّ الليل الى امرأة تمرح تلقائيا وتجيد النكته، تأخذ من خدّيّ الوهن الحنطيّ المتفتح سيقاناً لطيوف الهمّ.

يأسرني هذا الوجدانيّ المتفاني الراضع من نار الشهوة ومض النشوة والمتقمّص عصفورة شباك ابحث عن طلعتها القرآنية كلّ صباح تمسح عن طيني عطش سبوت الرمل التافه ايتها القلق المتضارع والمتجدد هل ترشفني بملوحتها اللمياء الثلجيّة هل ترمقني بالكحل الوقح الذائب في شوق الفطرة تسقيني ألقاً يتألّه احلى مما يتقّد الخبزُ؟

يا الألم الشيطانيّ الخبرة هلاّ تتركني احلم عذّبتي هذا الضيف الأزلي الشعر ورغماً عن ثغري يكتبني ياللرفقة ياللوحشة ما عندي وجيبيني غير هويّة تلك الرعشة يالمواويل غناءٍ ريفيٍّ يا مدناً حيرى للدهشة.. انا عاصمة الكبت وجوعي اسطوريّ يشتمني النهر المترف تطردني آلهة الفقر أسافر في احشاء القلق اللامحدود شراعي حلم الخيمة في ان تهجرها الأنواء اللامعقولة طقسي الصبر طقوس الصمت ورأسي جمر تناقض اهلي صدري ألق يتأوّه من ديناصورات الفرح المنقرض اساطين الهجرة للموت فأين أروح وأين انام وأين اموت؟ أنا لا احفل حتى بالاحلام الساعة لست اطيق الآمال ولا أتمنى غير حياة لا اعرف حتى كيف تكون..

نسيت معايير الفرح الاستقرار الازليّ وكيف يكون وهل حقاً كنت افكر فيه وهل كنت افكر يوماً أن أنشر هذي الخيبة في حبل غسيل السنوات وهذا الاحباط العلقلم لا.. لا.. لكني عدت حزيناً من أسفاري لا أملك الا قلباً يستنزفه الحبُّ الفطريّ وعقلا تنهشه ديدان المدنيّة.. فانتهزي عفويّة اشواقي وهبيني النرجس جذلان وداد يا بهجة نحل علّمني كأبٍ بدويٍّ أتعاطى الصبر على شفتي وردٍ كرصيفيْ جمرٍ يغري، أدمنني، أتجمّل من الق في شمس الاعشاب بقايا امل يتنفس في صدري، سنبلة الوجد افيقي في ذاكرة العطش المسكونة في جلدي، يا معنى ان انضح حرفاً شبقاً بنسيج دمي السلفيّ الفورة، يعبث في أوتار الباقي من اعصابي فيفرّقُها الناي على أعتاب حروفي تلك الافواه الطفلة..

تتطهر اسماك النهر بماء شراييني وتكفنّ فخذيها في الموج المحصور نهائياً وسط حدود الجرف الكافر، اتعبني الشيْ اللا ادري لماذا.. الغضّ الفاتن فيه المفتون المولع لكن كوني كلّ نساء الارض وخلّيني ارهق نفسي.. يتأنى بدماغي الظنّ ويسعى ليفنّد ما ايقن التاع ادجّن عاطفتي للصدق الموجع اغتاب الاثم أهَدْهدُ مهلا يا نفسي لا زال الحرف اللبنيّ الاسنان عراقيّ الحزن ولكنّ الظنّ يشبّ غصوناً فأراني في مرآة الخيبة حملاً منذوراً للموت القادم..

 

عن وهاب شريف

شاهد أيضاً

اللغة المشتهاة

بقلم : عبد المالك زيري أَقبلْ على العالم من جديد وانظر إليهِ كما أنظرُ إليكَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *