الرئيسية / نصوص / عائدتان من الشيلي

عائدتان من الشيلي

عائدتان من الشيلي:

  يوسف رزوقة

المصريّة هدى حسين والتّونسية سلوى بن رحومة تقتفيان “أثر بابلو نيرودا”…

 

 

 

حول محور ” في اقتفاء أثر الشاعر”، التأم بالشيلي الملتقى العالمي للشعر في دورته الثانية.

وشعراء العالم للتّذكير ، حركة عالمية لشعراء يلتقون حول قيم تمّ التنصيص عليها في ” المانيفستو الكوني ” ضمن بوابة الحركة. هذه الوحدة تضمّ الآن أكثر من 1700 شاعر من خمس قارّات منهم 600 شاعر من 23 دولة عربية وقد نظّمت جمعية أمريكا اللاتينية لشعراء العالم ||من 12 أكتوبرإلى 17 منه|| ملتقاها الشعري السنوي لتتوزع فعالياته على مدن سانتياغو، فالباريزو،إيزلا  نيغرا،ميليبيلا و رانكاغوا بالشيلي وشارك فيه زهاء أربعين شاعرا من أنحاء العالم، أمّا العالم العربي، وفي انتظار أن تتكثف المشاركات مستقبلا، فقد مثّلته كل من الشاعرتين هدى حسين من مصر وسلوى بن رحومة من تونس.

 

في حضرة بابلو نيرودا

 

في اليوم الأول، الخميس 12 أكتوبر، تمّ استقبال الشعراء مع انطلاق الفعاليات في المكتبة الوطنية بسانتياغو

وفي اليوم الثاني الجمعة 13 أكتوبر، انطلق الشعراء من سانتياغو نحو إيزلا نيغرا حيث زاروا البيت/المتحف للشاعر بابلو نيرودا وأنشدوا أشعارهم أمام قبر بابلو نيرودا وزوجته ماتيلد أوروتيا ثم التعريج على قرطاجنّة للتّنزّه على شاطئ البحر إلى جانب قراءات شعرية عند قبر فيسانت هويدبرو

و لقاء شعري في بلدية ميليبيلا المهيبة ، في مكتبتها تكريما للشاعر فيكتور مارين كالكوين في الذكرى الثالثة لرحيله ليقفلوا عائدين إلى سانتياغو.

في اليوم الثالث، انطلق الشعراء نحو فالباريزو لزيارة البيت/ المتحف ||سيباستيانا|| لبابلو نيرودا مع قراءات شعرية في قلب سيباستيانا وأخرىأمام الطلبة في مسرح فالباريزو البلدي إلى جانب دورة شعرية في فينا ديل مار وعشاء واحتفاء بالذكرى الأولى لانبعاث شعراء العالم.

يوم الأحد، رحلة إلى رانكاغوا وتكريم أوسكار كاسترو|1910~1947| : شاعر الأرض ولد في رانكاغوا وعاش فيها وله أثر مشهور في بلاده إلى جانب قراءات شعرية في سا فرناندو ثم العودة إلى سانتياغو.

ومع مطلع الأسبوع الاثنين 16 أكتوبر، كان للمشاركين موعد مع محاضرات من عديد الجامعات ثم قراءات شعرية .

وفي اليوم الأخير،الثلاثاء 17 أكتوبر، تجول الشعراء في سانتياغو وزاروا البيت / المتحف | لا شاسكونا|| وهو بيت يعود إلى بابلو نيرودا.
من أجل تمثيل عربيّ أكثر كثافة في السّنة القادمة

 

الشاعر لويس أرياس مانثو، أمين عام شعراء العالم ومنظّم هذا اللقاء، عبر للشاعر التونسيّ يوسف رزوقة | سفير شعراء العالم، ممثّل العالم العربيّ، في مكالمة هاتفيّة( والّذي تعذّر عليه الحضور لأسباب قاهرة)، عن عميق ابتهاجه بالمشاركة  العربيّة المجسّدة في الشاعرتين هدى حسين من مصر وسلوى بن رحومة من تونس مشيرا إلى أنّهما سرعان ما اندمجتا في الجوّ العامّ للتّظاهرة لتكون لهما عديد الإسهامات المميّزة مع نظرائهم من شعراء العالم، مشاركة وحضورا وتمثيلا نموذجيا لبلديهما وللعالم العربيّ عامّة، آملا في الآن نفسه أن تتكثّف مستقبلا المشاركة العربيّة بمعدّل شاعرين على الأقلّ من كل بلد حتّى تتّسع دائرة الّتمثيل على نحو يضمن حرارة التواصل بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية.

مكّوكيّة هدى حسين:

قبل أن تطير الشاعرة هدى حسين يوم 10 اكتوبر إلى تشيلي في أمريكا اللاتينية لتمثيل مصر في المهرجان العالمي للشعر هناك ،كان لها إسهام  ضمن الوفد الشعري المصري لمرتين على التوالي في ملتقى الشعر العربي الجديد باليمن 2004و2006 وتسافر في نوفمبر إلى الأسكندرية لتواصل الجزء الثاني من ملتقى “مارسيليا الاسكندرية للشعر والترجمة” الذي شاركت في جزئه الأول مايو 2006 في مارسيليا.

ولهدى حسين حتى الآن خمسة دواوين شعرية وتعد لنشر ديوانها السادس “خريطة الذات”، وهي عضو في مركز الشعر العالمي,

منحت مؤخراً لقب “سفير عالمي للسلام” من قبل دائرة سفراء العالم للسلام بجينيف.

انطباعات سلوى بن رحومة:


حدّثتنا الشّاعرة التّونسيّة عن رحلتها وقد عادت لتوّها من سانتياغو، قالت:

اليوم 20 أكتوبر بعد أن قضيت رحلة الحلم والواقع لمدة سبعة أيام كنت فيها أحيانا أعد طوابق السماء وأنتظر أن أكون في السماء السابعة في لحظة ما ثم تنزل الطائرة فإذا أنا في الأرض الأولى وليست أرضي الأولى فقد لامست طائرتي تراب بيونس آيرس وباريس حتى تصل إلى سانتياغو.. سانتياغو التي لم يعرف أعوان أمنها الدولي أين توجد تونس خلافا لأهلها الّذين لهم فكرة ضافية عن تونس وأهلها. .

رحلة شاقة لكن المتعة كانت اكبر من الحديث بإطناب عن مشقة السفر وعن الساعات الطوال وتعاقب الليل والنهار ونحن نشق الفضاء من سماء الى سماء الى ان وصلنا سماء الشيلي .. كان يبدو لي غريبا أن ألمح  لديهم كل ذلك الدفء العربي دون إغفال ملامح أهليها مع أخلاق وعادات غربية ، لم اشعر يوما من أيام  ملتقى شعراء العالم اني في عالم  غير الذي اريد .. رغم اختلاف هويات المشاركين الذين كانوا حوالي 40 يمثلون بلدانا عدة كالبرازيل والبيرو والمكسيك والارجنتين وكوبا واسبانيا الى جانب شعراء البلد المنظم الشيلي وعلى راسهم الشاعر الكبير لويس أرياس مانثو الذي لم يدخر جهدا من اجل توفير الراحة والطمأنينة لنا وضمان نجاح هذا الملتقى على مستوى التنظيم والمحتوى . وقد كانت الايام الثلاثة الاولى بمثابة رحلات الى ولايات مختلفة من الشيلي من اجل زيارة بيوت للشاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا الموجودة بولايات سانتياغو ، ايزلانغرا وفالبريزو والتي تحولت بعد وفاته الى متاحف يزورها القاصي والداني . وقد وقع افتتاح الدورة الثانية لملتقى شعراء العالم بمنزله الموجود في سنتياغو بكلمة للشاعر لويس أرياس ليفتح المجال لكل الضيوف لقراءة الشعر والاحتفاء بهذه المناسبة في بيت اكبر شاعر شيلي هو من كبار شعراء العالم . وجاء دوري ليعلن عني ويرحب بي الشاعر لويس ارياس وقد فاجأني كل مرة بنطق اسمي ولقبي صحيحين بلا أيّ تحريف.. واسرعت الخطى بين الكراسي الماهولة بالشعراء المتألقين نساء  ورجالا من كل بلدان العالم ..وأمام مضخم الصوت ،وقفت في خشوع .. فانا في رحاب بابلو نبرودا وسأقرأ الشعر على ارض وطئهاا فالهمته القصائد .. ووسط حميمية دقت اجراسها منذ البداية .. شيئا فشيئا تصاعد صوتي لأقدم نفسي من جديد واعلن عن البلد الذي جئت منه لأواكب هذا الملتقى العالمي واعبر عن فرحتي وسروري بالانضمام الى أسرة الشعر العالمية ثم قرأت باللغة العربية تجذيرا مني لهويتي قصيدتي “في المقهى  وقد ترجمت في الأثناء لي قصائد الى الاسبانية لغة البلد المنظم و لغة امريكا الجنوبية باكملها لتكون منطلقا لقراءاتي التي توالت فيما بعد وكانت في اليوم الثاني بمنزل ثان للشاعر بابلونيرودا بايزلانقرا على ربوة مطلة على البحر وقد فاجاتنا الامطار هناك فجاء المشهد قصيدة كتبها الملتقى بالحيوية التي أدخلها على أي مكان حل فيه بعناصره . ثم فاجأتنا قناة الشيلي 7 بالتجول في متحف بيت بابلو نيرودا وقد سررت كثيرا بدعوتها لي لاجراء حوار خاطف عن زيارتي وانطباعي عن الشيلي وقد كانت هناك أصداء عن هذا الملتقى في الاخبار الرئيسية ، كما دعيت الى اجراء حوار اذاعي مباشر ترجمه على غرار الحوار التلفزي لويس ارياس لألقي عبره قصيدة باللغة العربية بطلب من المذيعة التي أرادت مفاجأة جمهورها المستهدف بلغة أخرى هي العربية . .

كما عمل الملتقى على تنظيم لقاءات شعرية بين الشعراء الضيوف وشعراء الشيلي البلد المنظم فكان لنا لقاء مع زوجة الشاعر الفقيد فيكتور ماران كلكان في الذكرى الثالثة لوفاته ولقاء مع شعراء ديناكا بمدينة فالباريزو إلى جانب عشاء ساهر في تلك الليلة جمعنا وشعراء المكان بمطعم بياروس اين اضاءت ضحكاتنا المكان وتمايلت الفوانيس على ايقاع قيثارة لم تفارقنا .. الكل ينشد ويغني .. وقد طلبت مني احدى الشاعرات الشيليات ان اغني ما طاب لي فغنيت للطفي بوشناق ما طاب لي وما اجمل ان تتحد الجمل الموسيقية بقطع النظر عن كل اختلاف عرقي او لوني .. وصفقنا للفلكلور الاسباني واللاتيني عموما وجاءت الاهات بجميع اللغات ومن جميع الاعمار إذ كان هناك من الشاعرات من تجاوزت الستين وشعرها لا يزال نضرا ينادي بالحرية والعدالة والمحبة .. في هذا الملتقى الجميع ينادي بالمبادىء الانسانية السامية

مرت كل الليالي صاخبة الى ساعة متاخرة من الليل لنعود بعدها الى سانتياغو مكان اقامتنا في حافلة مكيّفة. لقد منحتنا هذه الليالي عودة الى الطفولة، الى انسانية نحلم بها جميعا ،اقتنصناها في هذا الملتقى فكنا انسانا واحدا رغم اختلاف الجنس والعرق والدين واللغة .. حقق الملتقى معجزة امتزاج روحي بين مختلف الاعمار والاجناس والحالات .. الكل ينبض سعادة وسرورا لا جذور له غير حلقات الشعر واللقاءات والسمر والغناء رغم التعب ومشقة السفر وفي كل يوم نعيد الحكاية .. ونخاف ان تنتهي الى ان جاء اللقاء الاخير فكانت الاحضان لا تتسع للغة نريدها أن تقول وترفض أن تقول كلمات الوداع ترفض الفراق وان كان هناك أمل في الملتقى غدا أو بعد غد افترقنا ومع كل واحد منا حقيبة من الذكريات ، قطار صور ، وشهادة فخر قررت أن تكون جديرة بجدران قلبي وبيتي ..

وتختم سلوى بن رحومة تداعياتها بشكر من ذلل أمامها الحواجز، في إشارة إلى المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث بصفاقس ، وفي أعماقها أكثر من حلم وأكثر من صورة.

 

 

 

عن يوسف رزوقة

شاهد أيضاً

اللغة المشتهاة

بقلم : عبد المالك زيري أَقبلْ على العالم من جديد وانظر إليهِ كما أنظرُ إليكَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *