المكان: دائرة كاتب العدل في منطقة الكرخ
التاريخ :4\8\1991
الوقت : الساعة الثانية عشر ظهراَ
درجة الحرارة 45 مئوية ربما 145 مئوية لايدري بالضبط.
لم يكن يتصور هذا الكم الكبير من المراجعين قد تجمع حول وقرب كاتب العرائض عند باب الدائرة ..
تعداه ودخل الى القاعة حيث يتواجد موظفي الدائرة مصطحباَ معه
والدته….
– الوالدة أمرأة متقاعدة
أخته….
– الآخت معلمة
أبنة خاله…
– أبنة الخال طبيبة
ثلاثة أشخاص لغرض الكفالة .
كل هذه الصحبة لغرض الكفالة ..ولم؟ حتى يستطيع السفر ومغادرة العراق.. حق مشروع لكل مواطن لكنه غير مشروع لكل مواطن.
أمضت والدته الطريق من البيت في الصالحية الى دائرة كاتب العدل بالدعوات المتناقضة .. الاولى بالعدول عن السفر والثانية بتسهيل الامر في تلك الدائرة ( شيزوفرينيا الشرق).
الاخت كذلك, تتقاطع في داخلها المشاعر …. رفض الفكرة .. قبول .. قناعة… عدمها.
أبنة الخال صامتة.
القاعة 6 × 6 متر يتوسط سقفها مروحة كهربائية , انحشر فيها أكثر من 100 شخص….. ربما 1000… لايدري بالضبط , توزعوا على طاولات الموظفين الاربعة .
الغريب أن هؤلاء ال100 أو ال1000 تمكنوا جاهدين أو مرغمين من تكوين أربعة طوابير منتظمة…. لكنها غير منتظمة .
– ربع … نصف….. ثلاثة أرباع الساعة… ينتظر هو مع من اصطحبهم والطابور يتحرك ببطء شديد مصحوب بضجيج المراجعين و المروحة السقفية التي ما أنفكت عن الصرير لسبب ما.. ربما معروف أو غير معروف.
– فجأة
– يدخل رجل يرتدي أما جلابية بيضاء ناصعة… أو يرتدي بزة عسكرية تحمل عدداَ غير معروف من النجوم على أكتافها… لم يستطع أن يميز مظهره لكنه أستطاع أن يشاهد شاربة الاسود الكث ووجهه الناصع البياض الذي لم ير شمس بغداد منذ سنه…. ربما عشرين.
– يدخل الرجل متجاوزاَ الطابور الذي يقف هو فيه, ليقف في بدايته.
– لم يكن يحمل مجموعة من الاوراق والاثباتات كما حمل الجميع……. ورقة واحدة فقط…….. تختلف عن الاوراق التي حملها هو أو حملها ابائه وأجداده أو اجداد أجداده.
– دمدم بعضهم لهذا التجاوز … البعض الاخر لم يتفوه بكلمة.
– تجرأ هو ليعترض على هذا التجواز صارخاَ بهدوء
– (( أخي مو دتشوف أحنة واقفين بالحر وننتظر وو..))
– يقاطعه الثور الابيض مزمجراَ
– (( خوات ال….. هي مالتنا ))**
– يلتفت الى والدته.
– ينظر احدهما الى الآخر بعمق.
– يطأطأ الاثنان الرؤوس …. ويصمتون.
** مالتنا تعني بالعامية البغدادية ملكنا