جماعة ضمير
لم تستطع الثقافة العراقية في تاريخها الحديث إنتاج تيار نقدي ، وظل المثقفون العراقيون مجرد أفراد ينتجون معارف وفنونا لا غير ، مع هيمنة التحيزات الايديولوجية والسياسية على مواقفهم تجاه الشأن العام انطلاقا من افكار يفترضونها ذات قيم مطلقة. ومن هنا ظل تعامل المثقف مع السلطة والمجتمع تتحدد وفق هذه المقدمة.
انطلاقا مما تقدم تسعى جماعة ((ضمير)) الى اعادة صياغة دور المثقف ووظيفته في ظل الازمة المتفاقمة باضطراد، وفي ظل الاستقطابات الحادة قوميا وطائفيا وسياسيا التي تحكم الواقع العراقي اليوم. وذلك من خلال الوعي بضرورة ان يتحمل المثقف العراقي مسؤولياته بوصفه مثقفا من دون ان يفكر في ارضاء أي كان او الرضا من أي كان، مثقفا عبر طائفي وعبر قومي وعبر ايديولوجي، مثقفا خارج الاطر الضيقة للتصنيف. أي تكوين انتلجنسيا وطنية حقيقية تنطلق من مشروع وطني ومن خلال فكر نقدي حقيقي لاعادة انتاج قيم ومعايير متحررة عن أي تعصب او تطرف مهما كانت مرجعيته، قيم ومعايير موحِدة (بكسر الحاء) في اطار الوطنية العراقية وفي اطار المواطنة العراقية. مثقفا يمثل الضمير، خاصة في ظل المحاولات المنهجية القائمة في اعتماد خطاب يقوم على مفهوم للهوية والاختلاف عن الاخر.
تنطلق الجماعة من الوعي بضرورة اقامة استراتيجية ثقافية لمعالجة الشأن الثقافي في العراق ومن خلاله معالجة الشأن العراقي العام، تحديدا السياسي منه، لتلازم الاثنين بشكل كامل، ومن خلال:
– السعي الى مراجعة نقدية عقلانية وبعيدا عن أي ادلجة او تحيز، للمرحلة السابقة. ومن المهم هنا عدم الوقوف عند حدود السنوات الاربعة التي لحقت الاحتلال على الرغم من ان ما جرى كان تحولا جذريا. ومن دون الوقوف ايضا عند حدود السنوات 1968-2003، حتى لا نقع في فخ المراجعة على اسس سياسية بحتة.
علينا القيام بمراجعة اخلاقية لهذا التاريخ الثقافي السياسي خاصة في ظل هيمنة شبه كاملة للمقاربة السياسية الايديولوجية على الخطاب السياسي في العراق طوال تاريخه الحديث. ولم تستطع الثقافة الابتعاد عن هذه الهيمنة ولم تتم مراجعة هذا التاريخ من خلال مقاربة معرفية حقيقية الا في حدود نادرة.
– التفكير في ثقافة تركز على هوية وطنية جامعة في اطار التعددية الثقافية، ومحاولة تحييد ما يمكن ان نسميه بالثقافات الفرعية التي هي مقدمة لايديولوجيا الانقسام والتشظي المجتمعي الذي نراه في العراق اليوم. هذه الثقافات التي تسعى الى تأسيس ثقافة الاختلافات الجوهرية التي تعتمد تنمية مجموعة من الرموز والمخيالات وانتاج رأسمال رمزي للجماعة تجعلها مختلفة عن الاخر ولا يكون الحديث عندئذ عن تعارضات في المصالح السياسية انما عن اختلافات ثقافية عميقة.
– ثقافة ترفض تسييس المتعالي بمعزل عن الجهة التي تمارس هذا الفعل، سواء تلك التي ترفع شعار الاسلام لاستئصال والغاء الاخر، او التي ترفض هذه الممارسات باسم الاسلام ايضا. فكلا الفريقين يمارسون تأويلهم الخاص ويفترضونه المطلق الوحيد. وذلك من خلال اشاعة ثقافة تؤمن بالنسبية وتؤمن بضرورة بقاء الاجتهاد مفتوحا والنقد قائما.
هوية الجماعة
تطرح الجماعة نفسها بوصفها منظمة مجتمع مدني تعمل كجماعة ضغط من خلال متابعة ومراقبة المسائل الاكثر تأثيرا في قضية الحقوق والحريات العامة، وسيادة القانون، وتقديم رأي المثقفين فيها. وتقديم خطاب واضح في رؤاه وتصوراته وبرنامجه يعبر عن ((ضمير)) المجتمع عبر موقف نقدي صارم من دون أي تحيزات مهما كان نوعها.
آليات العمل
نقصد بآليات العمل الكيفية التي تعبر بها ((ضمير)) عن رؤيتها وبرنامجها والكيفية التي تضمن بها التأثير على البرلمان والحكومة والاحزاب والجمهور.
وفيما يأتي بعض آليات العمل المقترحة:
– تعمل الجماعة بوصفها جماعة ضغط وينبغي لها اقامة شبكة علاقات واسعة والاتصال بالمنظمات غير الحكومية ذات العلاقة في الاطارين المحلي والدولي، حيث انها جهات فاعلة في انجاح حملات المناصرة التي تدعم عمل الجماعة.
– يتم التعبير عن مواقف الجماعة من خلال التجمعات والاعتصامات والبيانات والمؤتمرات الصحفية والتقارير الدورية، كما يمكن اعتماد الفعاليات الفنية جز فاعلا في تنفيذ برامج العمل.
– من الضروري جدا اعتماد صيغة عمل مبتكرة مع وسائل الاعلام عموما، بوصفها قناة ضرورية لايصال رؤى الجماعة.
مكان الجماعة وتمويلها
في اطار حرب الرموز المهيمنة في العراق اليوم والتي ترتكز على افتراضات تأويلية ومن ثم تصنيفها وتعميمها، فإن مسألة مكان اعلان الجماعة ومواقع عملها وموضوع التمويل، امور تبدو دقيقة جدا وحاسمة في انجاح المهمة.
لذا ستكون بغداد مكانا لتسجيل الجماعة كمنظمة غير حكومية ومقرا رئيسيا لها، مع امكانية تأسيس فروع اخرى.
ان مسألة التمويل ومصادره وآليات الصرف من الضروري ان تخضع للشفافية الكاملة من خلال إعلان مصادر التمويل بشكل لا لبس فيه عبر موقع الجماعة على الانترنت. فضلا عن نشر الميزانية المالية ووجوه الانفاق على نحو دوري.
آلية الانضمام الى الجماعة
تسعى الجماعة الى تجاوز اساليب الاقصاء التي هيمنت على المسألة العراقية طوال تاريخها وعدم قدرة النخب الثقافية تجاوز مشكلات الاقصاء المهيمنة هذه. من هنا ينبغي ان نعي هذه المفارقة بأن ننفتح على الجميع، فباب الانضمام الى الجماعة لا بد ان يكون مفتوحا امام كل من يقبل المبادئ الاساسية التي تعمل في ضوئها، دون أي اعتبار للخلافات السياسية والفكرية.
الاعلان
في ضوء التصورات مارة الذكر، اجتمع عدد من المثقفين العراقيين في بيروت للفترة 17-20 نيسان (ابريل) 2007، وتمخض اللقاء عن وضع لمحات اولية لبرنامج عمل جماعة (( ضمير )) والتي ستضم مثقفين عراقيين في الداخل والخارج ممن يشتركون في القبول بالمبادئ الاساسية.
ملاحظة: لغرض الإنضمام و الكتابة إلى جماعة ضمير يرجى مراسلتنا على البريد االالكتروني التالي :
dameer@almasar.org
—————————————————————————————-