الرئيسية / نصوص / حوار مع المرآة القذرة

حوار مع المرآة القذرة

حوار مع المرآة القذرة

أحمد فايز القدوة*

 

 

حقيرة تلك المرآة التي تحصد

على شاشتها قذارتنا، وتخفي ملامحنا…

وتقتل سعادة الحزن فينا…

حين كنت عارياً ومشرداً حملتني بأنشودة

الحرية إلى الملاهي والحانة القديمة في بلادنا..

حينها زرعت الكسل والهم والشح

فأدركني الفقر والعزف على أوتار حزننا…

 

كانت المرآة قبيحة ولا تزال

وسوداء ولا تلام ..

كانت خبيثة وكاذبة فزرعت الشك في عقولنا

إلى إننا اعتقدنا كوننا لا نملك عورة، فالجسد

عورات! ومعصيات ترتكب فينا…

 

حاولتُ مراراً أن أقُنع الجسد أن تلك المرآة

ليست بالضرورة تعبر عن جغرافيتنا…

فاستنزفت كل الجرائد اليومية في تنظيف

المرآة لكنها فقدت شرعيتها وحجبتها عن الشارع

واستولت على الجدار الخشبي واحتلت الصفحات

الأولى وغيرت منهجنا…

 

المرآة قذرة وخبيثة وقبيحة،

حملت معاني الاستبداد وقهر الأبطال

في الأزقة بالحواري

وقتلت الحب في قلوبنا….

 

مرآة تعكس ملامح الوجه كأنه أسود بأخضر

و أحمر بأبيض.. لا أدري!!

فتقتلع وردة السلام وزيتونة المحبة من حدائقنا..

مرآة فضحتها أشعة الشمس

العاكسة حينا كانت تنهش لحم تاريخنا…

مرآة سربت أقوال الشجب من على حافة

(ديكورها) وزينتها لتغتال جمالنا….

فهي قبيحة وأقبح من القبح في المعاجم

العنصرية التي ولدت فينا..

 

كيف نكون أمام المرآة في الصباح

أو لا نريد أن نكون لأن المكان جرد أمنياتنا…

مرآة فاشلة صاحبة الأدوار السلبية الخاطئة

في مسرحية الوطنية!! فإنني أراها تضحك

حين حزننا وتبكي في فرحنا..

مرآة عكست شيخوخة ضمائرنا والجشع

في خطوط العين وفضحت براءة الخبث في مصائبنا…

وحفرت … وشردت … وأنهت أدوار القضية…

مرآة جعلت من تشابك الأيادي حجارة ورصاصة

وضعت في عيوننا.. حتى نصمت.. ولا نقول إننا أحياء

في ملاجئ الأرض المقدسة التي وهبها الله لنا …

 

*صحفي فلسطيني

عن احمد فايز القدوة

شاهد أيضاً

اللغة المشتهاة

بقلم : عبد المالك زيري أَقبلْ على العالم من جديد وانظر إليهِ كما أنظرُ إليكَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *