عندما يحين آوانه..
بريهان قمق
يتجاوز البوح حقوله المزهرة إلى حيث الرؤى التي قد تتباين أو تختلف ، فهي الدخول بأمانة الحياة ورغبة كشف أقاليم شاسعة محفوفة بعلامات الاستفهام ، وتحديدا مفاهيم كالظلمة والنور ، الثقل والخفة ، الجسد والروح ، الى ما هنالك من تقسيمات كالثنائيات التي تبدو متضادة ، لكنني لا اعتقدها كذلك – اي ليست متناقضة – لأنها ليست في ثبات كما تبدو ظاهريا . ويخيل لي أنه لا ثبات لأي شيء في الكون ، سواء تلك الفكرة التي أشبعناها تحنيطا وذاك الذي هناك قد التقطناه ذات مرة بحواسنا أو بعقلنا كالذرّة على سبيل المثال لاالحصر وأجزاءها التي أصلا في حركة ، وقابلة للتفكيك ضمن معطيات ما كالتغيير في الزمان والمكان ، سواء أكانت كونية كما كانت على الدوام أو بالعلم كما بات في حقل تجريب عقل انسان اليوم، تنتقل من حالة ما يمكن تسميته مجازا ب” مادة” لأخرى مختلفة وتتحرر على شكل طاقة ونور قد لا تلتقطه أعيننا في مجال ومنطقة رؤيتها ولا حتى بقية الحواس لكنها باتت حقيقة تتزايد اتساعا، ستتكثف بعضها بعد حين لحملها بذور ما ستصير مادة من جديد ،أو غيمة تهطل افكارا و حركة وسط السكون وتهتك افكار اخرى، وكلها سكون يضج بالحركة ..
..
في مجال حواسنا : ما بين الضعف والضعف ، ما بين الطفولة والشيخوخة ، ثمة شمس متوهجة تقطع الاقاليم في شروق ومغيب من كتف سماء رؤيتنا لكتف الرؤية الأخرى ، عبر مكاشفات مماسات للظلمة والغرور ..
وما أن تغادر الشمس كي تحتجب – في زمن لايعد شيئا في الحس الكوني – حتى تظهر حقيقة أشياءنا لأعيننا وحجم كثافتها وظلمتها و ضعفها ، عبر الخوف والهواجس من كل شيء حتى ظلالنا ..! ستبقى هذه النقطة المشعة تنتقل بتسارعات متباينة ما بين ألف تعانق الياء في أبجدية محفوفة بالأسرار وبديمومة ما ، لطالما الأفعى بعد ما زالت تاكل ذيلها ، والشجرة تثمر في دائرة الفصول ..!
قد يطول الأمر أو يقصر ولكه مرهون بتحرر المادة بالكامل كي تنتقل برمتها الى شيء آخر ، كي ننتقل الى عود ريّان من نوع جديد مختلف عن حكاية أرضنا هذه في ثقب كونيٍ جديد ..!
….
زهرتي تتهجى المنسي المستحب وسط رماد بركان يموج لازاحة الغبشة وإيقاظ أزمنة أخرى ، فالافكار تداعب عظام الوقت الكثيف المحمول على عجلة دائرية نراها تتفكك وتتبعثر بفوضى الحياة معاودة الارتشاق على بلور المعنى .
القوة ترضع من ثدي الضعف، والضعف في احيان كثيرة يحمل النفس في السجود الى ما بعد الصلاة ، حيث اقاليم مترامية على امتداد ضفاف الروح . فكيف يمكن التعالي على الضعف والجسد والنفس والكثافة ، وكلها نور شديد الانضغاط بعد لم يتكشف ولم تتخلله الفراغات ..!؟ واين الحكمة في التعالي على ما لا نعرف وفيما لا تلتقطه الحواس بسبب قصورها فنقلل من شانها ونتخلى عنها ..؟؟
اترى هل من الحكمة معانقة هذا الضعف وبشجاعة الاعتراف بغية اختراق شرنقة باطنه أكثر فأكثر بالشروط المعرفية م بتلقي اللحظة الذائبة في ندى الهواء بهدف الظفر باشراقة ..!؟
النفس تحمل شرائط الأمس ملونات ، والجسد هيكل الروح والنفس يكثف الاباء والأمهات المنضغطين والمنضغطات في حبة مطر تحلم بتفتيت الشعاع ليصير قوس قزح ،وتحلم بشرر يقدح مساحاتها كي تتخلق كائنا ململما كل الاصباغ والظلال كي تظهر الحقائق ، فالنهايات التراجيدية لهؤلاء العظماء كالحلاج ونيتشة رغم كل الحب الذي امتلئوا به ورغم كل الاعجاب بجنونهم وتمردهم ، إلاّ أنني احس اليوم بمشاعر ملتبسة تجاههم امام ضياع المفاتيح في أدق وأهم لحظات مافوق العادية ..
وهذا يدفعني كانسان للبحث عمن بهدوء شديد ومن عمق البحر يصطاد سمكة ليطعم الضعاف والمسكونين في الكثافة، لأنني منهم ..
عمّن يساعد الرؤية كي يكبر القمر في ليل البشر البهيم ..
لأنه أيضا قمري وليلي ..
هو الثقيل الذي يحلم أن يرقص بخفة عندما يحين آوان تفتح أوراق الورد هناك في فضاءات سماء عقل الانسان ..
******************