الرئيسية / نصوص / وأنا أكور قلقي

وأنا أكور قلقي

وأنا في الطـرف الأخـرمن الباب تـعـود َ رأسي أنْ  يـدخل َقـبلي إلى توهم اللغة تاركا ً لي فسحة

ً للتأمل من خلال القلب .. وبما إنني أ ُراهن ُ على الحالتين رجعت ُإلى النافذة ِأجرجرُ

هذيانات المستقبل وطريقا ً مرّ َ عليه شبحي واضعا ً زمنا ً أنتفختْ به الكلمات التي هي ربمــــا

تزورك َفي الليل أو تلاحقك َ تحت َ شمس أظن  أنها عاطلة ٌ عن الصراخ .. وكما عوّدت ُ ذائقـتي

أن أمزج ُ لها مذاق َ الداخل ِ والخارج وأن أخون َ وجودي أمامها وأكور َ لها قلقي بسلة

من خيال ِأتلمسـُه ُبأنفاس ٍ أختنقت ْـ ولا أشك ُ ـ من أمزجة ٍ دموية ٍ أكاد ُ أجزم ُأنها قادمة ٌ نتيجة

َ الفــراغ الفاسد الذي لوث َ بما ملكتْ أقدامـُنا وأسيجتـُنا القديمة ُ النازلة ُ بنا حيث ُما  تـُريـد   ..

المهم اليوم تأخـذ ُني لغة ٌ أ ُخرى رفض َ صاحبـُها إلا تورطي معـَه ُحتى نهاية ِ المسافـة ِالطويلة

المشتركة بيننا … لغة ٌ أراد َ مؤسسُها المبدع ـ العبيدي ـ أنْ يكشف َمن تحت َأجنحتها

ألوانا ً غابتْ مفاهيمـُها بعدما أختلطتْ أفواه ُ الصيادين َ بعضهم ببعض مما جعل َاللعبة َ التي

رُسمتْ في الظلام تلبس ُ أعدادا ً لا وجود َ لها إلا في خارطة ِ الصيادين …ورغم َهـذا المحيط

المتلاطم فقد نجا ـ وديع ـ صدفة ً…لكن ّ الحقيقة َ تقول ُما زال َ قاربه ُ تـلعب ُبـه ِأمواج ٌ ترفضُ

أنْ تسجل َ بياناتـُها في قـائمة ِ الأمم المتحدة خوفا ً من التفكير في الرجوع ….أو التكفيرالذي يكون

سببا ً أكيدا ً للموت ونتيجة ً حتمية ً لأرضاء الغاية .. يقول ُ العبيدي :

أبتسم

لأنك َ بموتك َ

تـدعم ُ

النظام َ العالمي الجديد  1

هناك َأبتسامة  ٌ أنطلقتْ بـلا مكان ولم تـُحددْ علاقتـُها التي يـُقيمـُها العقل ليـُفصـّلَ لها مفهوما ً

يـُحلل ُ من خلاله ِ عملية َالإنطلاق .. ولماذا …؟

والإبتسامة ُهي نتيجة ٌ منطقية ٌ للسخرية ِ المـُتجذرة في الميدان المعرفي الرافض ُ للحدث ..

أو هي أندهاش كرد فعل غامض …أو هي زَبـَد ُ الحزن ِ الماكث ُ في الأعماق …

والشاعر ُ أمرَ فاعلا ً مجهولا ً لكي يقوم َ بفعل ِالأبتسامة ِ من أجل النظام العالمي الجديد ؛

فمن وراء هـذه ِ الأبتسامة يتحقـق ُ موت ُ الفاعل الذي بموته ِينهض ُذلك َ النظام ..!!

إنه ُ القتل ُ المتعمد مع سبق الأصرارالذي يمارسه ُالنظام ُ العالمي عن طريق الدوران من

الظل إلى الظل واضعا ًنقطة ً لا تـُهشمـُها حتى النيازك …وهي بقاء الذات القوية التي تمتلك

كل َ شئ ولا تلتفتْ إلى رجل ٍ أفريقي ٍ تهيكل َمن الجوع والعقب ُ الحديدية ُ تظل ُ تـُطارده ُ

حتى في النوم …النوم ُ عشب ُ الفقراء ..المساحة ُالتي تحتضن ُ عظامـَهم بلا ثمن ٍ ..ولارقيب ؛

وبلا …تلك َ التي تشتعل ُ في رئتي َ منذ ُ توحدي معي وأنشغالي بالعالم ِ المنحني  .

. والعالم المتكعب الجالس ُ على ذلك الأنحناء …الأنحناء ُ يجعلـُني أن أتزحلق َ بأتجاهات ٍ متعاكسة ٍ

وكيفما تتذوقـُه ُالكهرباء ُ التي تـُشكلـُني على هـذا الأنفجار ..ويبقى صديقي ـ العبيدي ـ يبتسم

بفعل الأمر ويـُعاتبـُني على الدخول من وسط المـُنتج وليس من باب القصيدة حينما يقول ُ:

أيـُها الطفل

أبتسم ْ

حين َ تمطرُ قنابل

وكل شئ يصير ُ أسود .

هنا قررَ الشاعـرُ أن يكونَ فعل الأمرنكرة للمتلقي ويقينا ًمعرفة ٌ مقصودة ٌ بذات الشاعـر؛

وذلك لأنَ ـ الـ ـ التعريف عندما تدخل ُ على النكرة تصبح ُ النكرة ُ مـُعرفة ٌ ولكن يجب أنْ

يكون هناك َ أتفاق بين المرسل والمرسل إليه ِعلى ماهية المفردة المـُعرفة كي تتم الأستجابة

من قبل الطرف الثاني لتحقيق المراد ..

لقد نادى الشاعـرُ طفلا ًمجبرا ً أياه على الأبتسامة ِ ـ حين تمطرُ قنابل ..وكل شئ يصيرُ أسود ـ

إن ّ مفردة ـ قنابل ـ هي نكرة ٌ والنكرة ُ تـُفيد العموم..إذ إن ّ كل ّ شئ في الحياة هـو عملية إنفجار

ولكن بأشكال ٍ مختلفة ٍ ..

وأن ّ ـ قنابل ـ الشاعـرهنا لها وجه ٌ أخـرٌ للموت بدليل إن َالأشياء َ يلونـُها السواد ُ..السواد ُيلتقي

مع الموت بميزان الفعل من حيث ُسلب جوهـر التوهج وصولا ً إلى فقدان الحركة مع فارق

العودة في السواد ..أما الموت فهو نهاية ٌ راسخة ٌ حسب الظاهـر الرياضي ـ الرياضيات ـ

لا الميتافيزيقي الذي له ُفلاسفة ٌ وأراء تستحق التأمل .

أذن الشاعـرُ ينادي بياض الإنسانية ـ الطفولة ـ ويأمرُها بالأبتسامة ِ ولكن متى …{حين تمطر

قنابل ..وكل شئ يصير أسود }

لماذا ـ أيها العبيدي ـ تـُريدُ أنْ تشاهـدَ تلك الأبتسامة وهناك َ كارثة ٌ …؟

ربما أرادَ صديقي الشاعـرأن يـُحقـق فعل الحياة أثناء فعل النهاية كي يستمر البياض ُ محافظا ً

على جماله ِ الذي ربما يـُلوثـُه ُ الغد ُ….وأي ُّ غـد ٍ…..!!؟

ونحن بلا زمن ٍ يـُقاتل ُ معنا وحوش َ الأرض ِ….الوحوش ُالذين قصفوا حدائـق َ

العبيدي وجعلوافي رأسـِه ِ مطرا ً يصرخ ُ بهـذه ِ الكلمات ..الكلمات ُحرائـق ٌ حبلى بالوراء والأمام

غـير أنها لا تـُطيق ُـ غالبا ً ـ أنْ تحمل َ تراب َ الشعـراء..؛

ويبقى ـ وديع ـ قائلا ً :

أبتسمْ

حين يوصد كل شئ

ولا يبقى طـريق ٌ للنجاة

أبتسم ْ رغـم ذلك .

هنا تكررفعل ُ الأبتسامة ِ مرتين وكان لهذا التكرار غـاية  ً واضحة ً من خلال المفهوم الأول

للجملة ِ ـ حين يوصد كل شئ ـ والمفهوم الثاني ـ ولا يبقى طريق للنجاة ـ

إنَ عملية َأن يوصد كل شئ هـي نهاية ٌ ساكنة ٌ..؛ أما لايبقى طريق للنجاة هـوسكون متحرك

ينهل ُ حركتـُه ُ من الفعل الأخربعد أن تنتهي المحاولة ُ بالفشل ..لذلك يتأخذ ُ الكائن ُفعلا ًجديدا ً

ليتسلق َ به ِ كأمل ٍ  يـُعيد ُ له ُ الحركة َ ….وقد حقـق َ ذلك الشاعـر ُ وبذكاء ٍ بقوله ِ :

ـ أبتسم ْ رغم ذلك ـ

إن َ صديقي العبيدي كلما يرجع ُ إلى الداخل

سيجد ُني هـناك ….وأجدُه ُ أيضا ً

كلما أرجع ُ إلى الداخل …

وربما يجد ُنا  غـيرُنا

أونجد ُ الجميع َ ..

أوربما  الكل لا يجد ُ أي ّ شئ ٍ….أيّ شئ ٍ .

أذن فالنبتسم ونحقـق َ رغـبة الفعل

حتى وإن ْ ألقمونا للتماسيح …!!

ــــــــــــــــــ  ـــــــــــــــــــ

هامش : أبتسم .. أحدى قصائد مجموعة ـ صدفة نجوت ـ جديد الشاعـر وديع العبيدي

الصادرة في النمسا عن دار نشر{Blbliothek der provinz } باللغتين اللألمانية

والعـربية هـذا العام { Zufällig  entkom } ص 60

 

 

——————————–

القزم

——————-

حسن رحيم الخرساني

 

 

لا شئ ـ اللصوص ـ  قـالوا هـكذا… سرقـوا كفـن َ الوطن وتـركوا العـيون

 

 

َتحترق ثم ناموا على سرير ِ

طفـل ٍ وحيد ٍ بعـدما ألقـموه ُ للتراب ِ عاريا ً بلا رأس .

ذات مرة ٍ قـطعـوا أ ُذني ّ وأتهموني بالخيانة ِ العـظـمى .

. مارسوا لذتهم أمام العالم { فهم أقـزام ٌ بأجساد ِ فيلة ٍ }

..كذلك أظافرهم التي تـلعـق ُ الدم َ وتـُسجل ُ حرارة َ الصيف ِ وبرودة َ الشتاء ِونبضات

القلوب ِ التي تتبعـثر ُ هنا وهناك . ومثلما زعـموا : لا شئ

أعلن َ ـ القزم ُ الأكبر ـ  صاحب ُ الرأس المدور والشفاه المتعاكسه :

أن ّ العالم َ نملة ٌ وسيـُحيلـُها  إلى رماد ٍ بزفيره ِ المر .. قالها أمام َ { القطط وسلاحف النهر وفئران

الحدائق المنزلية وبقايا قنافذ منقرضة } … ثم حرك َ شاربـَه ُ ذو الشعيرات المهاجرة للموت وشهقت ْ

عـضلاتـُه ُ بزلزال ِ الدمار وكان القـرار الأخير … { ذلك الحلم الذي راود َ أباه ُ ـ المجهول بالنسبة ِ

للجميع ـ  أوربما الحلم الذي راود َ خنزيرة أكلها الرجال ُ في الليل ثم رحلت ْ تاركة ً خلفها القوم الكبير }

فالسيد ُ القزم لا ينام حتى يتيقن ُ بأن ّ خطوط َ أصابعه ِ ثابتة ٌ..ورغم َ ذلك فهو مؤمن ٌبأن ّ الرياح َ لابـد ّ

أن تخترق َ أنفـَه ُ المسطح وتـقـذف ُ بـ ـ هتلر ـ الراقـد ُ هناك وترمي به ِ إلى الجحيم …

والـ ـ  لا شئ ـ مسافر ٌ دائما ً في رأس ِ الأرض ِ يـقـطـف ُ صراخ َ اليتامى وأنين َ الأرامل ِ ويحملـُهما

بيديه ِ ويزرعـُهما في السماء ِ .. ولكن بحذر ٍ مـُطلق ٍ . المهم {هـو لاشئ }

فهم قـالوا وأثـبتوا ذلك أمام َ جمعية حقـوق الإنسان وعلى طاولة ِ الأمم المتحدة .

ولكن ّ ـ  اللاشئ  ـ  يقـول ُ :

دون َ ـ لا ـ  تنفـد ُ الكلمات ُ والشئ كذلك

 

عن حسن رحيم الخرساني

شاهد أيضاً

اللغة المشتهاة

بقلم : عبد المالك زيري أَقبلْ على العالم من جديد وانظر إليهِ كما أنظرُ إليكَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *