بدر شاكر السياب : في ذكرى رحيله
كريمة زهير
الصورة بعدسة احسان الجيزاني
( اي حال أرثي له إلى من قال ، أم من شارك الصغار كتابة أسمه)
إحسان الجيزاني: خيل لي وأنا أسمعه ثلاثة طيور تعلو في الازرق الكبير في كل مرة يتبادل كل منهم زاوية الأخر.. كل زاوية أكثر إنحناءاً للأخرى..
أسمعه وهو يقترب يقول: ” بعد طريق طويل وجدتُ قبراً مندثراً، ولم أجد غير القليل من أسمه يصعب على صغارنا اليوم تهجئته…آلمني ذلك”
لم أكن أتوقع يوماً أن الأقتراب ضيق المساحة.
اسمعه يقول: ” كنت أدور وأدور حول قبره وعدستي معي تدور”
وجدتُ دورانه ليس فقط اقتراب للجذر.. دورانه كأنه يقول دعني أدخل معك أكثر لمرة واحدة.. لم أفكر بخروجه فقد كان يدخل عميقاً…
أسمعه يقول: ” كنت في المهجر..أقرأ كلماته وأنا أسمع صوته في صوتي وعندما أتوقف هنيهة أجد أنفاسي دافئة”
عندما كنت صغيراً.. كانت أنفاسي الدافئة بيضاء على نافذتي الباردة فأكتب أسمي عليها..
أسمعه يقول: ” مررتُ أصابعي على أحجار قبره الباردة”
صامتة وأنا أراه بأذني
اسمعه يقول: ” ذهبتُ باحثاً هنا وهناك عن خطاط ليخط اسمه”
كان يردد مع الأسماء أسمه.. كل ما سألته لمن تقرأ.. وعُجبت وأُعجبت بأنه لم يكن يردد أسمه فقط بل كان يعيشه كان يدخل فيه ويخرج إليه كدورانه مع عدسته حول القبر.. كما الحلزون”
اسمعه يقول: ” وجدتُ الخطاط أخيراً.. كان أشبه بالفقر”
تمنيت له الخير الوفير الطيب وأنا مبتلة تحت الأزرق الكبير..
اسمعه يقول: ” كانت يده وأنا وعدستي ندور مع خطوط حروف أسمه حتى النقطة”
…………………………………………….
أسمع حواره مع الخطاط:
” الجيزاني: أشكرك، خذ هذا أجرك .
الخطاط: أجرُ ماذا؟
الجيزاني: أجر ما خططته.
الخطاط: أنا لم أخط سوى أسماً، أما أنت فقد اتيت من المهجر إلى العراق وهنا البشر بين القتل والخوف لتزور هذا القبر وتحيي أسمه”
أسمعه يقول: “رغم أنه أشبه بالفقر، إلا أن الفقر لم ينل من عزته شيئا”
لستُ أُعجب من الجيزاني عندما يراهن بحياته لعراقه والأحداث فيه مشتعله والناس فيه بين الخوف ‘القتل ‘الفقر ‘الموت ‘الشقاء ‘المرض ‘الدمار والشقاق، ليحيي بينهم حلم طفل وحب أمرأة وعزة رجل وسكينة عجوز وخبز فقير وأمل للمريض وكرامة للميت وعراق الأمل…
تنويه:
إن هذه الحكاية حقيقية حدثت مع الفنان الفوتغرافي إحسان الجيزاني عندما زار عراقه سنة 2006 ‘ أيام انعقاد مهرجان المربد الشعري في مدينة البصرة .
كريمة زهير
كاتبة من البحرين
الصور بعدسة احسان الجيزاني