الرئيسية / نصوص / شهوات ضوئية

شهوات ضوئية

 

 

 

شهوات ضوئية

 

 

هشام بن الشاوي

 

 

*حريق:

 

ينشب نفس الحريق الكريه في صدره ، حين يتلصص على ذلك المربع العلوي بالشاشة السحرية ، حيث تسترخي صورة بنت تبتسم لرجل من ضوء .. وينتحب في توجع خفي:  ” يا قلبي لا تبتئس ..!” .

 

*بنت  مصرية حزينة :

 

اعتاد أن  يدردش مع (طائر الحب الحزين) في أمسيات الملل القاتل ، يحدثها عن عشقه المتطرف للأدب المصري .. يفكر في لقبها الآسر/عنوان ماسنجرها ، في قلبها الشفيف ، الذي خانه رجال لم يعرفوا الحزن في ليالي السهاد! كان يدردش معها مشغلا “الويبكام ” دون أن تطلب منه ذلك . لم يصدق أنها قبلت أن يراها أخيرا ، يمتدح نفسه في سره: “بالتأكيد لست مثل أولئك الأوغاد … حبيبتي” !!

اندهش، وهو يرى إلى  شاب ذميم  يدخن سيجارة ، تفاجأ وهو يسأله بلا مقدمات: “ليه الحشيش رخيص في بلادكم  ..يا جميل ؟” .

 

*مغفل  و.. وحيد :

 

 

يوما بعد يوم  يزداد يقينا وإيمانا أنه الصادق الوحيد ..

 

يكتب اسمه وسنه  الحقيقيين، وحتى مدينته (الجديدة) … ولأن (دكالة عروبية) ، كما فهم من تلك البيضاوية بدبلوماسيتها المراهقة ، وهي تتهكم على  لهجة هذا ” العروبي”* الذي يظن نفسه فلانتينو عبر أسلاك البهجة ، تسأله عن مهنته  ، يجيبها بمنتهى الصراحة ، كما لو كانت ملاكا هبط من السماء ليحصي سيئاته ، متناسيا   لوم  أصدقائه القاسي  دائما  ..بأن  “القحاب لا يحبون إلا الكذب” !!

 

* خاص بالبنات :

 

يلج موقع تعارف عربي ، يتصفح قائمة  المتواجدين من خلال ألقابهم، وما كتب تحتها ، إحداهن كتبت بوقاحة :(أريد (ز…) خليجيا) !! يجن جنونه: “… شوهتونا  يا بنات القحاب . الله يلعن (…) أمهاتكن . تفو”!!!

 

***

يعرف  عشق بعض المتواجدين  لمطرب “الراي ” الجزائري( الشاب  نصرو) من خلال الألقاب المسجلين بها ، ودردشته معهم عن الأغنية / الأغاني  التي تقتله ، يرسل إليهم عنوان ماسنجره ..  بعد تبادل التحايا :

Daoudy_nasro@hotmail.fr

ويغرقون في ذكريات الزمن الجميل .. في دردشة ودية ، بعيدا عن ضوضاء موقع التعارف .

 

***

يتثير انتباهه امرأة من الشرق ، كتبت تحت اسمها المستعار:(خاص بالبنات ) ، يحدث نفسه : ” تمهل ، لو دخلت بالداودي أو نصرو ، وهذه ليست مغربية  ولا مغاربية .. يعني لا تعرفهما كما تعرف راغب علامة أو نور الشريف  ! ولن تستقبل رسائلي ، ولن أتمكن من التواصل معها بعدما تقوم بالضغط على تلك الشارة الحمر اء:(bloquer).  عندها سيتعذرعلي التسجيل بأي اسم  مستعارآخر إلا بتغيير الجهاز .

يهتدي إلى كتابة اسم آخر حبيباته  ،بعدما  صار أحب الأسماء إلى قلبه ، تحته عبارة  ):وحيدة – حزينة . السن 33 ).

***

قبل أن ينهي كتابة رسالته ، ذهل بتهاطل عشرات الرسائل … الذكورية، يحظر بعضها، يرسل شتائم إلى بعضهم  بعد الحظر، منهم من يرد على شتائمه بكلام نابي بلهجات بلدانهم لأنهم فهموا أنه سبهم بلهجته  ، حتى لو كانوا يجهلونها  .. اعتقدوا أنه متخنث ،ولا يستحق إلا السباب!  يتعجب كيف أن أول ما يشتم الرجال  العرب (…) الأم ، وهم من يلهثون وراءه  .. بشتى الوسائل ؟!

أوووووووف عدد رسائل أولاد الكلاب العرب صار يفوق الألف رسالة . منهم من يغازل بلطف، ومنهم من يطلب ممارسة الحب بطريقة بذيئة …!!

 

***

 

يكاتب امرأته الشرقية … باسم امرأة . يتبادل معها التحية ،وسؤالا روتينيا عن الأحوال ، وهو شبه منتش بهذا الانتصار المؤقت .. فهذه أول امرأة انطلت عليها حيلته ،  وتطوع بإرسال عنوان ماسنجره الأنثوي ،  وأخيرا “:صرت  (زوزو) يا وحيدي . زوزو التي لا يسأل عنها أحد .هههههههه. ستثق بك البنات ولن  ترسل إليك إحداهن عنوانا وهميا لا وجود له” !

 

Zina_ray@hotmail.fr

 

يرسل إليها عنوان الماسنجر  بعد فتحه ، بيد أنها تسأله :

– هل تمارسين السحاق ؟

” اللعنة ! إنها امرأة سحاقية “.

 

ولم يسبق لي أن قرأ أية قصة نسائية ، ولايعرف كيف يتعامل مع هذه المرأة  الشاذة  المحبوسة  في غرفة مغلقة . تذكر قصة لإحسان عبد القدوس عن إحدى  بنات مجتمع اللؤلؤ  وزوجها الشيخ .. يستطرد غارقا في حواره الباطني  : “تبا لهذه الشهوة الترابية .. إنها “أس” كل العقد النفسية ،المترسبة في الأعماق” .

 

يكتب لها عن متعة العلاقة الجنسية السوية .

يتذكر ما قالته إحدى الصديقات عن اضطرارصديقاتها – اللواتي ينعتنها بالمعقدة أنها لا تفعل مثلهن-  إلى ممارسة الحب أمام الويبكام مع الشبان ، لأنهن لا يغادرن بيوتهن ، بسبب الوضع الأمني المتردي في ذلك  البلد العربي المحتل !

 

ترد عليه بهدوء:

–         أنت ولد … ؟

 

” اللعنة! كيف عرفتني ” ..

 

يتوسل إليها أن تعطيه عنوان ماسنجرها :

–         الشباب يتلاعبون بعلبتي البريدية ،وهذه علبة أخي …

(يخمن أن كل شاب أرسله إلى رفاقه ورفاق رفاقه وضايقوها انتقاما منها.. لأنها غير سوية) .

–         أرجوووووووك ،  لا أريد غير صداقتك  .

–         باااااااي .

 

ويذرف قلبه دموعه الخفية  ، حين تأكد من مغادرتها الموقع . وينشب نفس الحريق الجهنمي ، وهويشيع زوار “الكافي نت” بنظرة حقودة .

 

 

—————————————————————–

 

هامش:

* عروبي : تعني” بدوي” بالدارجة المغربية .

 

 

عن هشام بن الشاوي

شاهد أيضاً

اللغة المشتهاة

بقلم : عبد المالك زيري أَقبلْ على العالم من جديد وانظر إليهِ كما أنظرُ إليكَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *