قف يا زمن

رجعت لدياري

برفقة الذكريات
وطيات الورق العتيقة
التي أرسلتها لي جارتي الصغيرة
وميدالية قد أكلها الصدأ
تحيط رقبتي
رجعت بقلبي العليل
بروحي العطشى لعطر العراق
وها أنا أصل الحدود
لمَ الحدود مزدحم؟!
تملأه صرخات الأطفال
تنهيد نساء سترتهن العباءات السوداء
وعكازاً مغروسين بطينة الحدود
ما بلاهم هؤلاء الناس؟!
لمَ يعتزمون الرحيل؟!
العراق قد تحرر
ماذا يريدون بعد؟
لمَ يتخلون عنه؟!
يا لَ غرابتهم؟
قررت تجاهلهم
رغم تعاسة اللوحة
وها قد وصلت العراق
فأنا ألان أدوس أرضه
ركعت أمام عظمته
قبلت ترابه ملايين المرات
استنشقت عطر دجلة والفرات
رفعت رأسي لأرى سماءنا
وأحقق ما كبدته في نفسي
من شوق لك يا عظيم (عراق)
فها أتفاجئ بالقصف
بالعيارات
بالموت
بالغدر
بالاغتيالات
بالانهدام
بالدماء
…
…
لا..لا..انه ليس العراق!!!
تنسال دموعي
انه ليس العراق
العراق ليس معركة
ما عدت أجد عراقياً
ما عدت أتعرف للوجوه
كل من حولي غريب..
غريب
الغرباء احتلوا مكاني
وبغداد الجميلة
تحول خصرها لمقابر
وحدائقها امتلأت بالكلاب
لا.. لن أقبل
أرفضك يا واقعي
لن أسمح لك بطعني
فصدى الطفولة يدق بذاكرتي
ولا زلت احتفظ بصور عروسي بغداد
لن اسمح لك بذعري
لن تشيب روحي
ولن أحمل عكازي
والتحقت بهم
لن أتسكع على الحدود
سأعيش أزمة العراق
سأعيش موت العراق
سأتغطى بتربة العراق
وأتأمل غدَ طفلي
سأحلم وأعيد ذكرياتي
وأعيش طفولتي حتى الممات
سأحلم وأحلم واحلم
عساني أعيد مدينتي
لعزِها ونورها إن عاد